العالم يبكي غياب السّلام.. كم هو بحاجة إلى غاندي جديد!
إنطلاقًا من هذا الحدث المهمّ تاريخيًّا ومن هذه الشّخصيّة المميّزة والفريدة التي طبعت العالم والتّاريخ بسلامها ومواقفها البنّاءة والشّجاعة، نتوقّف أمام الواقع المؤسف الذي نعيشه في هذا العصر، واقع بات فيه العنف أحد الحلول المعتمدة لإيصال وجهات النّظر. ومن هنا السّؤال لمن اتّخذ السّلاح رفيقًا له والإرهاب سبيلًا أوحدًا: أيُمكن بناء عالم والاستمرار في العيش فيه وبعض الأيادي المساهمة في التّعمير ملطّخة بالدّماء ومصبوغة بإحمرار صارخ؟ بالطّبع لا! الجواب سهل وسريع، فالعبر تؤخَذ من مسيرة غاندي، الذي استطاع من خلالها قلب مقاييس مهمّة في الهند بمحاربته الظّلم بأسلحة السّلام والحبّ والإبتسامة والأمل والحقّ والصّواب.
بالصّوم أيضًا وصل غاندي إلى أهداف لطالما حلمت الهند بتحقيقها، ومن أهمّها: إعادة الثّقة إلى أبناء الجالية الهنديّة المهاجرة وتخليصهم من عقد الخوف والنّقص ورفع مستواهم الأخلاقيّ، إنشاء صحيفة "الرّأي الهندي" التي دعا عبرها إلى فلسفة اللّاعنف، تأسيس حزب "المؤتمر الهنديّ للنّاتال" ليدافع عبره عن حقوق العمّال الهنود، محاربة قانون كان يحرم الهنود من حقّ التّصويت، وغيرها.
عالمنا يصرخ اليوم ألمًا لكثرة قاتليه وجلّاديه، عالمنا يبكي بحرارة موجعة هيمنة شبح الإرهاب على فضائه المظلم، عالمنا بحاجة ماسّة إلى غاندي آخر يهدم بسلامه وتسامحه جدرانًا صلبة تمنع التّواصل والأخوّة بنتها المجتمعات بالكراهيّة والحقد والعنف.
بحسب غاندي "إنّ النّصر النّاتج عن العنف مساوٍ للهزيمة، إذ إنّه سريع الإنقضاء"، وعلى أمل أن تزول سريعًا ظاهرة الإرهاب هذه، التي كان آخر أشكالها انفجار اسطنبول، يبقى السؤال متى سيتبع العالم خطى غاندي المغموسة بالسّلام والمحبّة والأمل؟