01 تشرين الثاني 2012, 22:00
العاصفة ساندي ونيويورك وشرق الولايات المتحدة الامريكية وكوبا
(أبونا) لقد ضُربت نيويورك والمناطق المجاورة لها، في شرق الولايات المتحدة، ضربة قوية من جراء العاصفة المدمرة \"ساندي\" ضربة لم تشهد المنطقة مثلها منذ ما يزيد عن النصف قرن من الزمان. وطبعاً الجميع سمع وشاهد التقارير الإخبارية بهذا الخصوص.
ولكن ما نحن بصدده هنا هو ما هي الأرقام القياسية السابقة التي كسرتها هذه العاصفة الهوجاء هذه السنة.
فمن التقارير المحلية المختلفة اقتطفت لكم هذه الأرقام الملفتة للنظر.
لم تترك هذه العاصفة شيئاً في طريقها إلا ودمرته. ولم تترك أملاً في ترك المنطقة قريباً. وسيعاني أهل تلك المناطق المنكوبة من جراء هذه العاصفة لمدة طويلة قبل أن يعودوا إلى نمط حياتهم العادية من جديد.
أما بالنسبة للأرقام فنبدأ بأن هذه العاصفة قطعت 4000 كيلومتراً قبل أن تبدأ بإلحاق الدمار في الربوع الشمالية الشرقية للولايات المتحدة الأمريكية.
وكان أكثر ما تسبب في قتل أو جرح الضحايا هي الأشجار التي كانت تعصف بها الرياح بقوة وتلقيها على المنازل والمباني أو خطوط الكهرباء، فتسحقها وتقتل المشاة وتكسر المركبات والآليات التي تعترض طريقها مهما كان حجمها. وكانت خطوط الكهرباء المقطوعة سبباً آخراً في قتل بعض الضحايا.
وبلغ عدد الوفيات المؤكدة حتى الآن من جراء هذه العاصفة 50 ضحية.
أما الخسائر في الممتلكات فقد تجاوزت 30 مليار دولار مما يضع "ساندي" على رأس قائمة أكبر الكوارث الطبيعية كلفة في البلاد حتى الآن. فقد قُدرت الخسائر التي منيت بها الولايات المتحدة من جراء هذا الإعصار ما بين 30 إلى 50 مليار دولار أمريكي.
وضربت العاصفة أكثر من 8 ملايين منزلاً ومكان عمل في 17 ولاية، وقطعت عنها كهرباء عنوة. ويقع نصف المتضررين بقطع الكهرباء عنهم في ولايتي نيويورك ونيوجرسي. ولا ينتظر أن يعمل إلى إيصال الكهرباء لعدة أسابيع قادمة.
أما في السواحل في منطقة "بريزي بوينت" في ضاحية "كوينز" فقد تسببت العاصفة في نشوب حريق كهربائي هائل أدى إلى تدمير 110 منزلاً بالكامل حوَّلها إلى رماد في الأرض. وكل ما تبقى من هذه المنازل هو الرماد والأرضيات الإسمنتية حيث كانت تربض هذه المنازل قبل ساعات معدودة.
كما تسبب الإعصار بإلغاء ما مجموعه 1658 رحلة طيران منذ بدايته وحتى الساعة السابعة من مساء اليوم الأربعاء (ساعة كتابة هذا التقرير).
أما في الداخل فقد تساقطت الثلوج بكثافة على غرب ولاية فيرجينيا وغطى أكثر من نصفها، وتراكمت الثلوج فوق أسطح المنازل مما أدى إلى سقوط بعضها وترك سكانها في العراء.
وفي منطقة "هاكينساك" ضواحي نيوجرسي، فقد ارتفع منسوب المياه في الشوارع إلى منتصف أعمدة إشارات الشوارع المرورية. وقد جرف السيل معه بعض المحلات، والتي تعتبر من العلامات البارزة والمعروفة في المنطقة، إلى المحيط.
أما منطقة "مانهاتن" الشهيرة فقط شُلت الحركة فيها تماماً. وغمرت المياه التي بلغ ارتفاعها 11 قدماً، شبكة القطارات التي تسير تحت الأرض مما أجبر السلطات على إغلاقها لليوم الثاني على التوالي، وقطع الكهرباء عنها، لتفادي المزيد من الخسائر البشربة والمادية. كما تسببت هذه العاصفة في إغلاق سوق نيويورك المالي لليوم الثاني على التوالي، الأمر الذي يحصل لأول مرة منذ عام 1888. وكان من المفروض أن تعود السوق إلى العمل يوم الأربعاء.
يقول خبراء المناخ أن سرعة الرياح بلغت 95 ميلاً في الساعة عندما ضربت مبناً شاهقاً كان تحت البناء وألقت بالرافعة الضخمة المثبتة عليه أرضاً محدثة دوياً قوياً ومتحولة إلى قطع معدنية صغيرة تناثرت في كل مكان حيث سقطت.
وطبعاً أوقفت هذه العاصفة لليوم الثالث على التوالي الحملات الانتخابية الرئاسية، والتي من المتوقع أن تُجرى يوم الثلاثاء القادم (6/11/2012). وقد قام الرئيس براك أوباما على عجل بتوقيع الأوراق الضرورية دون الانتظار لإتمام الإجراءات الرسمية لإعلان المنطقة "منطقة منكوبة" وأمر بصرف الإعانة الحكومية المخصصة لولايتي نيويورك ونيوجرسي وولاية "كونيكتيكت" فوراً، وبدأ بالتحضير لزيارة المناطق المنكوبة. كما أمر بصرف إعانة مالية فورية لوزارة المواصلات لتقوم على وجه السرعة بالبدء بإصلاح الطرق والجسور والأنفاق التي تضررت بفعل العاصفة.
وفي مكان آخر من العالم مر إعصار "ساندي" وخلف ورائه الدمار والخراب والموت، ولكن المصيبة هنا أكبر وأفضع لأن البلد الذي ضربه هو كوبا. ورغم أن المدة التي قضاها الإعصار بمروره في الجهة الشرقية من هذا البلد، لم تتجاوز الخمس ساعات. إلا أن الدمار والخراب الذي ألحقه به سيحتاج المتضررين إلى عشرات السنين قبل أن يتمكنوا من إصلاحه. ناهيك عن سياسة حكومة هذا البلد الكتومة والمنغلقة على نفسها سياسياً وإعلامياً. حيث لا يسمح للصحافة الحرة بنقل ما يدور في البلد من أحداث دون رقابة الحكومة الشديدة والصارمة والتي (الحكومة) لا تريد أن يعلم العالم كم من الدمار خلف هذا الإعصار ورائه لأنها لا تريد أن يفتح الباب للمساعدة من الدول المجاورة (وخصوصاً أمريكا). وقد كانت الخسائر البشرية عالية إلا أن البنية التحتية والهيكلية للبلد عانت الكثير من الدمار مما أعادها إلى سنوات كثيرة إلى الوراء. وكتبت إحدى المواطنات الكوبيات مقالاً على الشبكة العنكبوتية تحت عنوان: (كوبا أيضاً تحتاج إلى مساعدة من جراء إعصار "ساندي") تطالب فيه الحكومة الكوبية بأن تضع الكبرياء والغطرسة جانباً وتعترف بتواضع بعدم مقدرتها على مساعدة البلد والمواطنين في هذا الظرف العصيب، وأن تسمح للجهات الدولية ذات الخبرة العريقة في هذا المجال في مساعدة البلد للنهوض من هذه الكارثة الهائلة التي حلت به.
ولم يستثنِي الإعصار أحداً من أضراره، فقد أعلنت شركات الإنتاج الفنية أيضاً بأن خسارتها بلغت مئات الملايين من الدولارات بسبب الإعصار. فمبيعات تذاكر "الشوبيتز" في شرقي الولايات المتحدة (المناطق المنكوبة) قد انحدرت بنسبة 40 بالمائة في هذه الفترة عن مثيلتها في السنة المنصرمة 2011. وكلٌ يغني على ليلاه!!.