العائلة وتحدّيات عالم اليوم؟
"تواجه العائلة في زمننا تحدّياتٍ كثيرة لاسيّما على الصعيد الإيمانيّ وما ينتُجُ عنه من حياةٍ أخلاقيّة وإنسانيّة. فالفتورُ الروحيّ يزداد بين الأهل والأولاد، والإلتزام الكنسيّ ينقص تدريجيًّا في المجتمعات، وتَغيب التلمذة المسيحيّة السليمة عن الأفراد. هذا التراخي الإيماني شرَّعَ الباب لأفكارٍ ومعتقداتٍ جديدة غزت مجتمعاتنا الكبيرة والصغيرة ووضعَت العائلة المسيحيّة في مواجهة تيارات العصر المتمثّلة بالفردانيّة وبالاستغلال الجنسيّ وبالجندريّة وبالحياة الاستهلاكيّة وبالإدمان على وسائل التواصل الاجتماعيّ وبالذكاء الاصطناعيّ...
يقول البابا فرنسيس في الإرشاد الرسولي "فرح الحبّ" (عدد 30-32) بأنّنا إذا رضخنا لهذه التحدّيات سنحرم العالَم من القيم التي يجب أنْ نشهَد لها في عالمنا. وبالتالي فإنّنا مدعوون إلى مواجهة هذه التحدّيات لا بل إلى إعادة الثقة في الخيارات الأساسيّة للحياة التي من شأنها أنْ تُغني حياة الزوجين وتُعزِّز الاتحاد الزوجيّ وتقود الزوجين إلى مرحلة النضج الروحيّ والعاطفيّ والإنسانيّ، لينقلوا بدورهما هذه الخبرة إلى الأبناء والبنات. ولن يكون ذلك إلاّ بالعودة إلى شخص يسوع المسيح وإلى الإضاءة على تعاليمه وإلى نشر القيم الإنسانيّة والإيمانيّة وعيشها. ولعلّ الحبّ هو من أبرز الفضائل والقيم التي يجب تجديدها بين الزوجين؛ الحبّ الحقيقيّ الذي يقود الأنا لتخرج من الذّات نحوَ الآخر، الحبّ الحقيقيّ البعيد عن التملّك، والحبّ السخيّ المنفتح على عطايا الله اللامتناهيّة.
يبقى السؤال التالي: مَنْ سيُعيد التذكير بهذه القيم أو بالأحرى على من تقع مسؤوليّة "الأنجلة العائليّة الجديدة"؟ مَن سيرسُم لشبيبة الغد وللخُطّاب والأزواج مسيرةَ الخروج من النفق لمواجهة هذه التحدّيات ولبلوغ ملء قامة المسيح؟
وحدها الكنيسة المقدّسة بهرميّتها هي المرشدة الأولى والمسؤولة الأولى لِصَون العائلة. وهذا ما يدعونا أساقفةً وكهنةً وشمامسةً ورهبانًا ومكرّسينَ ومكرّسات وعلمانيين ملتزمين لنُعيد النظر في ما نُقَدِّمُهُ للعائلة من الناحية الروحيّة والإيمانيّة. فاللقاءاتُ من فترة لفترة لم تَعُد كافية. نحنُ بحاجة إلى خططةٍ جديدة وإلى عملٍ دؤوب يبدأ من العائلة وينتهي في العائلة، لأنَّ ابن الله تجسَّدَ في عائلةٍ هي عائلة الناصرة.
صلاتنا ليُنير الروح القدس الأفكار والقلوب ويهدينا إلى السبل الآمنة."