العائلة تحدٍ دائم
نجح هذا التيار الأيديولوجي، بالترويج الى أفكاره ومشاريعه السياسيّة- الأنتروبولوجيّة، من خلال العديد من وسائل الإعلام العالمية وشركات الإنتاج السينمائيّة التي تواطأت في ضرب المفهوم الحقيقي للعائلة، بخلق مناخ يرمي إلى دعم هذا المشروع الخطير، فأدى الى وضع قوانين تتناقض مع بنية الإنسان الفيزيولوجيّة والنفسيّة وبنيّة العائلة المؤلفة من الثنائي [الرجل والمرأة]، أجازت للمثلي الجنس الحق بالزواج والتبني، أسوة كباقي العائلات، أضف الىى تغير جذري في المصطلحات، فحزفت من المعاجم كلمة اللواطية أو المثليّة كإنحراف نفسيّ تربوي، واستبدلت بكلمات ملتبسة على حساب المعنى...!
وإنسحب هذا الأمر بدوره على بلداننا العربية، تحت ذريعة الحريات والتحرر ومحاربة العنف الأسريّ، فتنامت جمعيات لا حكومية موالية لتيار الجندر، وصار هناك الكثير من المشاهير العربية تؤيد تلك الإقتراحات بطريقة عمياء وغير موضوعيّة، وبتنا نسمع تارة من هنا طوراً من هناك أصواتًا تطالب بتغير القوانين المتعلقة بالأسرة والزواج والإنجاب والتربية والمرأة، وحملات إعلانية شرسة موجهة تهدف بالإنقضاض على قيم سرّ الزواج، تتهم المؤسسة الزوجيّة بأنها فشلت في الحدّ من العنف الأسري، وأنها سبب دمار المرأة وعثرة في تطورها ورقيها.
ولا نغفل أيضاً بروز تيار النيوليبرالية الذي دخل الى مفاصل الدولة والقوانين الإشتراعيّة والضرائبيّة، ضارباً بعارض الحائط حياة العائلة وإقتصادها وخصوصيّتها، متخطيًّا المحرّمات فارضاً على أرباب الأسر، الضرائب والرسوم دون حسيب أو رقيب، مما جعلها فريسة الإقتصاد المتطرّف، فتحوّل أفراد الأسرة بأجمعهم الى سلعة ذات قيمة شرائية، إزداد حجم العوز والفقر والبطالة والهجرة بسبب تلك السياسات الإقتصاديّة المجحفة، وبتنا نشهد ثقافة الإقصاء وتحويل العائلات المهمشة الى ثقافة نفايات!!!
إنطلاقاً مما سبق، بإمكاننا إستجلاء الواقع المأزوم، الذي يضغط على العائلة لتستسلم للشروط وتقبل بالمساومة والتنازل عن قيمها ودورها الريادي في المجتمع والخضوع الى الشروط المبتذلة والمناهضة لواقع الأسرة وللهوية وللقيم.
إن إنعقاد سينودوس العائلة في روما في هذه المرحلة الحاسمة في حياة الكنيسة، لهو بشير أمان للعائلة، لأنه سيعيد تصويب الأمور، عبر تحديده للمصطلحات ولمعاني الكلمات في مسألة العائلة وهويتها ودورها ورسالتها الفعليّة في المجتمع والكنيسة. التحديات كبيرة والحمل ثقيل، لكن الكنيسة عروسة المسيح قادرة بقوّة حبّ عريسها يسوع أن تقدم "العائلة المسيحية" هدية تحرير لمن أضعفته الفردانية وأقعدته المنفعية ولوثته الإباحية الجنسيّة، وأعماه التحرر المتلفت.
فلتكن قلوبنا شاخصة الى رسول العائلة البابا القديس يوحنا بولس الثاني الكبير، طالبين منه أن يلهم البابا فرنسيس والأساقفة والكرادلة في الإجابة على إنتظارات الكنيسة والعائلة