الطّفل.. لعبةٌ في يد العنف
هي الألعاب، بطلة الأطفال الدّائمة، يتأمّلونها في المحالّ التّجاريّة بعيون تبرق حماسةً وفرحًا وتجدّدًا، محاولين لمسها لامتلاك البهجة المختبئة خلف غلافٍ يطالبهم بتمزيقه.
إلّا أنّ الألعاب المتوفّرة في الأسواق والتي تحظى بمطالبةٍ مستمرّة من قبل الأطفال تطرح إشكاليّة بارزة تتمثّل بالمادّة التّربويّة التي تقدّمها، ونذكر هنا الألعاب البلاستيكيّة التّقليديّة العنيفة كالبندقيّة والقنبلة اليدويّة والعصا وغيرها من التي تضع الطّفل وسط واحة موحلة تهبّ فيها عاصفة العنف الهوجاء.
قد يدافع البعض عن الموضوع بحجّة أنّ أطفال قرن الواحد والعشرين باتوا أكثر ذكاءً وأعمق نظرة وأوسع اهتمامًا، وأنّ التّكنولوجيا غمرت حياتهم بكلّ ما فيها، لنقول بالمقابل هنا أنّ ألعاب الكومبيوتر والأجهزة الإلكترونيّة الحديثة تكتسي بدورها شال العنف والقتال.
والنّتيجة الأكيدة في عالم يرفرف في أديمه الإرهاب، بكلّ أشكاله المباشرة وغير المباشرة، أنّ الأطفال عرضة مكشوفة وفريسة سهلة للمشاكل النّفسيّة والصّحّية والأخلاقيّة والعاطفيّة، يمتصّون عادة إطلاق النّار والصّيد، يتشرّبون طبيعة القتل، لتتقلّص شيئًا فشيئًا حساسيّتهم تجاه المشاهد الدّمويّة القاسية ويتحوّل العنف سمةً من سمات أطفالٍ سيصبحون فيما بعد قاعدة شبابيّة فاسدة.
مؤسفٌ أن يحاول الإرهاب بشتّى الطّرق بسط سلطته في كلّ القطاعات وبكلّ الوسائل، ليسرق حتّى من الطّفل براءته وضحكته وطيبة قلبه ومحبّته اللّامتناهية، ويوقد العالم بنيران خفيفة ستحرقه بالكامل في المستقبل القريب-البعيد...