دينيّة
14 حزيران 2024, 10:00

الصعود الإلهيّ

تيلي لوميار/ نورسات
بقلم الأب باسيليوس محفوض

 

"تعيّد كنيستي، بعد مرور أربعين يومًا من الفصح، عيد صعود المسيح إلى السماء. وفي قانون الإيمان الذي يتلوه المؤمنون كلّما رفعوا صلواتهم في القدّاس الإلهيّ، يعلنون إيمانهم المسيحيّ بالله الواحد المثلّث الأقانيم: الآب الخالق، والابن الفادي، والروح القدس المعزّي.  

يعدُّ هذا العيد من بين الأعياد القديمة في الكنيسة وقد ورد على لائحة الأعياد المُحتفل بها منذ القرن الرابع ميلاديّ. أمّا قبل ذلك، فكان المسيحيّون يحتفلون به في يوم العنصرة أو في يوم بين الفصح والعنصرة.

إلى أي حدّ نستطيع أن نفهم العبارات الثلاث: "صعد"، و"جلس"، و"يمين الآب".  

هذه الصور الثلاث المجتمعة في هذه الجملة القصيرة تحتاج إلى توضيح كبير، لكي نتخطّى الصور وندرك المعنى.

تعبّر أيقونة "الصعود" عن أمرَين: الانفصال الذي تظهره يعبّر عن توقّف شكل معيّن من العلاقة بين المسيح وتلامذته حتّى مجيء المسيح الثاني؛

ويعبّر ارتفاعُ يسوع فيها عن الرفْع إلى فوق أي إلى تمجيد يسوع.  

يسوع هو ربٌّ وسيّد في المجد وحاضرٌ إلى الأبد بعد موته في الجسد. تتمحور فكرة الصعود حول فكرة جلوس المسيح عن يمين الآب، أي كشف مساواته للآب والنيابة الدائمة والحاضرة مع الآب في كلّ شيء. فحين نقول إنّ المسيح جلس عن يمين قدرة الله نعني أنّه يشارك في هذه القدرة وأنّه قدير كالله وفي آخر الأمر أنّه الله. بالفعل، لقد استلم المسيح كلّ ما للآب من مُلك وسلطان وقدرة ومجد وقضاء الدينونة على كلّ الخليقة ممّا في السماء وعلى الأرض (فيلبي 2-10).

لا بدّ من الإشارة الى أنّ المسيح لم يصعد إلى نفسه كأنّه لم يكن في حضن الآب، بل هو صعد إلى الآب بعد أن أتى إلينا ومات وقبر وقام وظهر ببشريّته من أجل خلاصنا ليُجلسَنا ويُمجّدَنا معه في السماء (أفسس 2-6). لهذا، لم يحسب موت المسيح نقصًا بل هو الاتّضاع والطاعة إلى درجة الإخلاء (فيلبي2:7 و8) وإنّ قيامته وصعوده وجلوسه عن يمين الآب لا تحسب له اختلاسًا (فيلبي 2 : 6\11).  

صعود المسيح هو نتيجة حتميّة مباشرة لانتصاره على الموت، وبالتالي فجلوسه عن يمين الآب ما هو إلّا التعبير الذي يشرح بدء الدينونة أي بدء مُلك المسيح أو ملكوته في السماء وعلى الأرض.

هكذا أصبح صعود المسيح وجلوسه عن يمين الآب مكمّلًا للصليب وتتمّة لسرّ القيامة، فهو إعلان بدء ملكوت المسيح الخلاصيّ، وقد استلمت الكنيسة معه، في لحظة جلوسه عن يمين الآب، الشركة الكاملة في تنفيذ هذا الملكوت وإعلانه في الأمم كلّها بكلّ سلطانه وقدرته، وستستمرّ في تنفيذه وإعلانه إلى اليوم الأخير."