دينيّة
23 شباط 2025, 08:00

الخوري روحيه كرم: المال، إن لم يكن وسيلة للخلاص، صار قيدًا

تيلي لوميار/ نورسات
في تذكار أحد الموتى المؤمنين، يتأمّل الكاهن المتفرّغ لصلاة الشّفاء في أبرشيّة جبيل المارونيّة الخوري روجيه كرم بمثل الغنيّ ولعازر، ويقول:

"في تذكار أحد الموتى المؤمنين، نتأمّل في مثل الغنيّ ولعازر (لو 16: 19-31)، حيث تتجلّى المفارقة بين الغنى الذي يُعمي القلب والفقر الذي يكشف الحقيقة الأبديّة. فالمال، إن لم يكن وسيلة للخلاص، صار قيدًا يُثقِل الرّوح، كما قال القدّيس يوحنّا الذّهبيّ الفم: "ليس الشّرّ في امتلاك المال، بل في أن يملكك المال."

لعازر المطروح عند باب الغنيّ لم يكن سوى تفصيل هامشيّ في مشهد حياته الفاخرة. لم يبصره، لم يُشفق عليه، كأنّه لم يكن موجودًا. وهنا تتحقق كلمات الكتاب: "لهم عيون ولا يُبصرون، لهم آذان ولا يسمعون" (مز 135: 16-17).

الغنيّ، الغارق في ملذّاته، لم يدرك أنّ الحياة الأبديّة تبدأ هنا، في اختياراتنا اليوميّة. في إنجيل لوقا، يتكرّر هذا التّحذير: الغنيّ الجاهل الذي قال لنفسه: "لديك خيرات وافرة!" فجاءه الجواب الإلهيّ: "يا غبيّ! في هذه اللّيلة تُستردّ نفسك منك" (لو 12: 20). وكذلك الشّاب الغنيّ الذي مضى حزينًا لأنّ قلبه كان مُقيَّدًا بثروته (لو 18). في المقابل، زكّا العشّار أدرك الحقيقة حين قال: "ها أنا أُعطي نصف أموالي للمساكين" (لو 19: 8)، فدخل النّور بيته.

مثل الغنيّ ولعازر ليس قصّة من الماضي، بل مرآة نرى فيها أنفسنا: أين نحن؟ هل نحن الغنيّ غير المبالي، أم لعازر الصّابر؟ هل نُدير ظهرنا للمحتاجين، أم نفتح قلوبنا للمشاركة والعطاء؟

فلنصلِّ إلى الرّوح القدس كي يفتح بصائرنا، فنرى إخوتنا في ضعفهم، ويُحرّر قلوبنا من قساوة الغنى، فنتمتع بغنى الرّحمة. وكما قال القدّيس أغسطينوس: "يا رب، إن أعطيتني الغنى، فلا تجعلني عبده، وإن دعوتني للفقر، فاملأني بغناك الحقيقيّ." آمين."