ثقافة ومجتمع
03 حزيران 2015, 21:00

الخطأ الطبي وأهمية تثقيف المريض وتوعيته على حقوقه

(مجلة الصحة والإنسان - اعداد المحامي الدكتور بول مرقص) يعرّف الفقهاء الخطأ الطبي بأنه: "كل مخالفة أو خروج من الطبيب في سلوكه عن القواعد والأصول الطبية التي يقضي بها العرف العام، والمتعارف عليها نظرياً وعملياً وقت تنفيذه العمل الطبي، أو إخلاله بواجبات الحيطة والحذر واليقظة التي يفرضها القانون وواجبات المهنة على الطبيب، متى ترتبت على فعله نتائج مهمة، في حين كان في قدرته، وواجباً عليه، أن يكون يقظاً وحذراً في تصرفه حتى لا يلحق ضرراً بالمريض." يشكّل الخطأ الطبي أحد أشدّ الأخطاء المهنية خطورةً في الحياة اليومية لأنه على خلاف الأخطاء المهنية التي قد يرتكبها المهنيون الآخرون كالمحامين أو المهندسين أو المحاسبين، فإن الخطأ الطبي يمسّ صحة الانسان وحياته على نحو مباشر.

فكم من إنسان فقد حياته بسبب خطأ ارتُكب أثناء إجراء عملية جراحية، وكم من شخص تخلّف عن علاج بسبب خطأ في التشخيص للمرض الذي يعاني منه.

وعلى الرغم من المبدأ المسلّم به قانوناً بكون الطبيب ملزماً بموجب وسيلة وليس موجب نتيجة، أي موجب بذل عناية وليس موجب شفاء المريض بالضرورة، إلا أن هناك حداً من المسؤولية يجعل الطبيب ملزماً بتوخّي أقصى السبل الممكنة لشفاء المريض. كما أن موجب الوسيلة هذا الموضوع لصالح الطبيب بدأ يتقلّص لصالح المريض: فهل يُعقل في العصر الحديث مع تنامي الوسائل العلاجية في الطبّ أن يدخل كثرٌ من المرضى المستشفى على قدميهم ليخرجوا جثة محمولة؟ إن الخطورة الكبرى في موضوع الأخطاء الطبية هو انتفاء الإحصاءات الدقيقة حولها، فضلاً عن التكتم والغموض اللذين يحيطان بالأخطاء الطبية التي تحصل، رغم الأضواء الإعلامية التي تسلّط بين الفينة والأخرى والتي لا يمكن أن يعوّل عليها للمعاجلة المنهجية رغم أهميتها في بناء الرأي العام، بما من شأنها الحد من تنظيم معالجة سوء الممارسة الطبية والاستشفائية ووضع العقوبات الملائمة بصددها. إن ما تمّ رصده من حالات أخطاء طبية وجرت إحالته إلى القضاء غالباً ما انتهى بتعويضات مالية تتولاها شركات الضمان أحياناً دون حبس الفاعل لمدة طويلة وإيقافه عن العمل والإكتفاء بمجرّد توجيه اللوم إليه أو تنبيهه مسلكياً. هذا فضلاً عن التعقيدات الإجرائية التي تترافق مع تقديم شكوى بحق طبيب والتي من شأنها أن تفرغ الشكوى من معناها كلما طال أمد الإجراءات وتشعّبت النواحي التقنية. أما من ناحية أخرى، ولإنصاف أصحاب الإختصاص من الأطباء، فإن ليس كل مضاعفة يعاني منها المريض تكون خطأً طبياً، فلا يجب إلقاء اللوم على الطبيب في كل مصاب يلحق بالمريض بعد زيارة الطبيب: فالمسؤولية مبنية على الخطأ والرابطة السببية، ذلك مع التأكيد على الموجبات الدنيا للطبيب التي أشرنا إليها سابقاً. فالمسؤولية الطبية يجب أن تشتمل على الخطأ الطبي استناداً إلى قاعدة المسؤولية، وتحديد المسؤول عنه سواء المستشفى أو الطبيب والطاقم الطبي لمعرفة الإجراءات الواجب اتخاذها والعقوبات الواجب تطبيقها لحماية المريض. وفي المقابل، تكمن أهمية تثقيف المريض والتوعية حول حقوقه في هذا الإطار لتمكينه من المتابعة الفاعلة لتحصيل حقوقه في حال الخطأ الطبي.
هذه الكلمة القيت خلال المؤتمر حول ”سوء الممارسة الطبية والإستشفائية في لبنان“ من تنظيم الجمعية اللبنانية لتعزيزالشفافية - لا فساد.