ثقافة ومجتمع
30 أيلول 2015, 21:00

الخريف موسم الحساسية… مثقل بالأمراض

(الكلمة اون لاين) يحل فصل الخريف في كل عام ليكون فترة انتقالية بين الطقس الحار والطقس البارد. وبرغم لطافة أجوائه، يرتبط اسم الخريف باقتراب موعد انتهاء الحياة، بحيث يموت الزرع وتتلبد السماء بالغيوم، وهناك مثل يقال عن الشخص الذي طعن في السن إنه بات في “خريف العمر”.

تساقط الأوراق
في فصل الخريف تتساقط أيضاً أوراق الشجر. ووفقاً للتعريف العلمي، “التساقط هو أحد مظاهر الشيخوخة أو هو أحد مظاهر انتهاء عمر العضو داخل منظومة النبات، حيث أن جميع النباتات الراقية، وبخاصة الأشجار مستديمة الاخضرار أو متساقطة الأوراق، قد تتخلص من أعضائها المسنة، سواء أكانت أوراقاً أو أزهاراً أو ثماراً، بعد وصول كل منها طور الشيخوخة والتحلل، والهدف من تساقطها هو استبدالها بأخري حديثة ونشطة فيزيولوجيا وكيميائياً”.
في لبنان بدأ تساقط أوراق الشجر باكراً هذه السنة، بفعل تسمم مصادر غذائها بمفاعيل انتشار النفايات وتراكمها العشوائي، وبالتالي فثمة اختلال حصل في دورة الطبيعة… ما يبعث القلق، باعتبار أن أوراق مناعة صحة اللبنانيين تساقطت بأسرع من تساقط أوراق الشجر، وكل الخشية أن لا تسلك طريق التجدد قريباً.
موسم الحساسية
مع حلول فصل الخريف يصبح المناخ ملائماً لانتشار أمراض تنفسية كثيرة، كالحساسية بأنواعها. وقد اكتشف الأطباء هذا الأمر منذ زمن بعيد، وخصوصاً منهم الأطباء العرب، إذ كتب أحدهم في تعداد الأمراض التي يختلف انتشارها باختلاف فصول السنة، فقال: “الخريف تكثر فيه الأمراض المختلفة، لأسباب عدة، أحدها أن توارد الأضداد على البدن (بين حر وبرد) يوجب تحيّر الطبيعة في عملها، ويكون الإنسان فيه كمن أُخرج من ماء حار وغُمس في ماء بارد وبالعكس، فتقف الطبيعة عن التحلل والإنضاج، وهما علة الصحة بصورة عامة، فإذا جمدا هاجت مختلف الأمراض على البدن”…
وتحفز طبيعة الخريف المتحيرة ظهور العديد من الأمراض، وفي مقدمتها الحساسية والإنفلونزا (الكريب)، لكن تبقى الإصابة بالحساسية الموسمية الأكثر انتشاراً، كون الحساسية تتشكل من مجموعة أمراض، يصاب بها الإنسان نتيجة ردّات فعل غير طبيعية من قبل الجسم على مؤثرات مختلفة خارجية أو داخلية. وتعتبر ردّات الفعل هذه غير طبيعية لأنها تحصل لدى الإنسان المصاب بالحساسية، من دون غيره.
الحساسية أنواع، أكثرها مضايقة للمريض حساسية الأنف والجيوب الأنفية وحساسية الصدر (الربو)، والحساسية الموسمية. وفي مقدمة مسببات هذا المرض، تأتي حبوب اللقاح الموجودة في الجو والرطوبة وغبار المنازل، وأيضاً الحيوانات الأليفة والعصافير والدواجن والنباتات.
تساهم تقلبات الطقس والتغير المفاجئ في درجة الحرارة من الحار إلى البارد في تهيج أمراض الحساسية، وبروزها. إلا ان الحساسية، وقد باتت معروفة أسبابها وعوارضها، لم تعد ذلك المرض المقلق (إلا في حالات نادرة)، نظراً لوجود العلاجات الشافية له، ناهيك عن طرق الوقاية التي تبعده عن المعرضين للإصابة به. بل ان دراسة ألمانية خلصت إلى أن فصل الخريف “يُعد وقتاً مثالياً للمصابين بالحساسية ليجهزوا جهازهم المناعي لموسم الحساسية القادم”.
أما في لبنان…
لبنان من بين البلدان التي تنتشر فيها أمراض الحساسية عادة، ليس خلال فصل الخريف وحده بل وفي الربيع أيضاً. إلا أن ذلك لم يشكل مصدر قلق للبنانيين الذين تعوّد المصابون منهم على عوارض المرض وتعلموا طرق الوقاية منه، فسبل علاجه… لكن هذا كان في السنوات العادية. أما هذه السنة فالأمر مختلف كليا.ً
لبنان اليوم يعيش شهراً ثالثا من تراكم النفايات. ومع انتشار “الزبالة” في كل زاوية وعلى امتداد مساحة البلد الجغرافية، فالخشية كل الخشية من ان أجواء لبنان الأخضر باتت مسكونة بمختلف أسباب الأمراض والأوبئة، التي تداخلت عوامل عدة في تشكلّها، ولا يزال معظمها اليوم بمثابة “جمر تحت الرماد”، يكفي التحول المرتقب في الطقس ليكشفها وينشرها.
الكارثة الحقيقية ستحصل إذا ما بدأ فصل الأمطار من دون أن تكون أزمة النفايات قد أخذت طريقها إلى الحل، ولو الموقت. فالذي ينتظر اللبنانيين وقتها، نتائج “غير سارة”، أبرزها تشكل بيئة حاضنة للقوارض والحشرات، مع ما تحمله من أمراض جرثومية وأوبئة، تستوطن المجاري التي تتحول إلى مستودع تحت أرضي للنفايات.
مثل هذا الخطر دفع إلى التحذير من احتمال عودة الكوليرا والطاعون إلى لبنان، في وقت قد لا يكون اللبنانيون بمنأى عن خطر ليس أقل وطأة، يستوطن المياه التي لا غنى عنها، إذ ثمة احتمال يقارب التأكد من أن المكبات العشوائية يتسرب ضررها إلى مكامن المياه الجوفية، فيما سيكون على اللبناني أن يستخدم لحاجاته اليومية مياهاً مختلطة برماد النفايات المحترقة، أو ملوثة مباشرة بالمواد العضوية السامة التي تحتويها النفايات.
كما سيكون على اللبناني تناول خضروات وفواكه، نبتت في تربة مشبعىة بالمواد السامة والمعادن المترسبة من تراكم النفايات، ناهيك عن آثار الرماد السام المتطاير من حرق “الزبالة”، الذي سيكون سماً زعافاً “يتوج” قشور النبات، وتصعب إزالة آثاره.