ثقافة ومجتمع
31 تموز 2020, 13:00

الحياد الإيجابيّ: خشبة خلاص لبنان

ريتا كرم
"نتوجّه إلى منظَّمة الأمم المتّحدة للعمل على إعادة تثبيت استقلال لبنان ووحدته، وتطبيق القرارات الدّوليّة، وإعلان حياده"، تلك كان الجملة "الشّرارة" الّتي هزّت الضّمائر السّاكنة والسّاكتة في لبنان والعالم أيضًا. ذاك كان المطلب الحقّ الّذي نفض الغبار عن هويّة لبنان الأصليّة، وحوّل كلّ الأنظار والآذان نحو البطريركيّة المارونيّة وسيّدها البطريرك مار بشارة بطرس الرّاعي النّاطق بإسم كلّ اللّبنانيّين بدون استثناء. تلك كانت الصّرخة- الموقف القادرة على إعادة "لبنان الرّسالة" إلى الحياة في الذّكرى المئويّة الأولى لدولة لبنان الكبير.

نعم إنّه الحياد! وليس أيّ حياد، بل هو "حياد إيجابيّ" يضمن "وحدة لبنان وتموضعه التّاريخيّ في هذه المرحلة المليئة بالتّغيّرات الجغرافيّة والدّستوريّة"، إنّه "قوّته وضمانة دوره في استقرار المنطقة والدّفاع عن حقوق الدّول العربيّة وقضيّة السّلام، وفي العلاقة السّليمة بين بلدان الشّرق الأوسط وأوروبا".

هو ليس التّنحّي جانبًا وإنّما هو التزام بالقضايا العامّة للعالم العربيّ من دون الدّخول في زواريب الصّراعات السّياسيّة والعسكريّة... إنّه حياد "ناشط وفاعل" يشدّ أواصر وحدة لبنان الدّاخليّة، ويثبّت كيانه وسيادته واستقلاله، ويعزّز الشّراكة الوطنيّة والاستقرار والحوكمة الرّشيدة، هو أيضًا كما يقول الرّاعي "التزام لبنان بالقضايا العامَّة: من سلام وعدالة وحقوق إنسان، وحوار أديان وحضارات، ودور وساطة في النّزاعات الإقليميّة والدّوليَّة". هو "عودة لبنان إلى دوره التّاريخيّ كجسر بين الشّرق والغرب على المستوى الثّقافيّ والاقتصاديّ والتّجاريّ الّذي يمليه عليه موقعه الجغرافيّ على ضفَّة المتوسّط، ونظامه السِّياسيّ بمكوّناته الدّينيَّة والثّقافيَّة، واقتصاده اللِّيبراليّ، وانفتاحه الدّيمقراطيّ".

الحياد الإيجابيّ هو خشبة خلاص لبنان. هو صورة لبنان الحضارة والانفتاح. هو نُصرة شعب على القهر والذّلّ والجوع والفقر والبطالة. هو تفوّق على كلّ الانقسامات والحروب والصّراعات والثّورات. هو مفتاح النّموّ والازدهار والرّقيّ. هو نفحة الأمل الّتي قضت عليه عواصف الأزمات المتلاحقة، هو الحلقة النّاقصة لإعادة التّوازن إلى وطن الأرز، إنّه بإختصار نور في الظّلمة!