الحرّيّة... بين الواقع والزّيف
فرغم أنّ الله خلق الإنسان حرّ الإرادة وسيّد قراره، غير أنّ الأخير أخلّ بأمانة الله وتلاعب بالحرّيّة الّتي منحه إيّاها، والأمثلة على ذلك كثيرة.
ففي القرن الواحد والعشرين، لا يزال الاتّجار بالبشر سيّدًا في بعض البلدان حيث يُباع الأطفال والنّساء كسلع تجاريّة ترضي طمع وغرور أشخاص نصّبوا أنفسهم أسيادًا.
في زمننا، لا يزال الرّجل الشّرقيّ يبرز "مراجله" الذّكوريّة محطّمًا طموح "المرأة" قاطعًا عليها طريق النّجاح لأنّه "عيب" على الأنثى أن تفرض نفسها وتظهر قدراتها، حتّى أنّه يضع "فتاوى" تسدّ طريقها نحو الحرّيّة.
في مجتمعنا، جرائم شرف تخضّ مضاجع عائلات، وتعدّيات عشوائيّة تشرّع للقتل والعنف الأبواب وتبيح استخدام السّلاح عند كلّ فورة غضب أو ثورة فرح.
في أحيائنا، والد يعتدي على ابنته/ ابنه القاصر، زوج يحرّض طفلته وزوجته على أعمال رخيصة مقابل حفنة من المال، عاملة تُعنَّف وأخرى تقتل من ائتمنتها على منزلها وأطفالها، أولاد يكبرون على حبّ السّلاح... إعلاميّون يُقمعون لبثّهم كلمة الحقّ فإمّا يُصرفون أو يُأسرون أو يُخطفون ويُقتلون... وغالبًا ما- في كلّ تلك الحالات- لا يتحرّك ساكنًا وكأنّ شيئًا لم يحصل! ففي بلداننا، القوانين تُفرض على الضّعيف ويُعفى منها من كان ظهره مدعومًا.
باختصار، في مجتمعاتنا الّتي تلبس ظاهريًّا زيّ الحرّيّة، ها هي بالواقع في "حداد" مفتوح عليها، لأنّ تلك قُتلت برصاصة رحمة فأعدمت مع انعدام أخلاق فئة من البشر، فأبادوها وتركوا محبّيها والمدافعين عنها "يتامى"، فهؤلاء إن علا صوتهم باسمها يُقمع ويعود ليختفي سريعًا لأنّ صممًا أصاب الكبار وحوّل اهتمامهم إلى قضايا تمسّكوا بها تحت شعار وهميّ أسمَوه "الحرّيّة".
اليوم، تحيّة لكلّ روح سقطت ضحيّة هذا الشّعار، وأخرى لكلّ من لا يزال يواجه المخاطر متمسّكًا بها. تحيّة لكلّ من رفض أن يسير في موكب الحرّيّة الزّائف ووقف على أعلى المنابر ونادى بالحرّيّة الحقيقيّة الّتي كرّستها الأديان، وبالأخصّ المسيحيّة، حقًّا شرعيًّا وأساسيًّا لعيش الإيمان.