ثقافة ومجتمع
20 تموز 2017, 13:00

البابا فرنسيس يتّصل بعامل نفايات ويستمدّ منه القوّة

ريتا كرم
"أنا البابا فرنسيس.. بعث لي صديق برسالة حرّكت مشاعري، وجعلتني مصدومًا إزاء قوّتك. أدعوك إلى المضي قدمًا لأنّك قدوة لنا!".. كلمات تعزية توجّه بها الحبر الأعظم، عبر الهاتف، إلى عامل النّفايات ماكسيميليانو أسونا الّذي فَقَد رجليه بعد أن صدمته سيّارة في بوينس أيرس.

 

في 22 آذار/ مارس، ونقلاً عن وكالة الأخبار الكاثوليكيّة CNA، كان ماكسيميليانو، 33 عامًا وأب لخمسة أطفال، يجمع النّفايات في أحد شوارع المدينة، فاجأته سيّارة تسير بسرعة 80 ميلاً بالسّاعة، فصدمته وقطعت عليه الأمل بالسّير مجدّدًا وطرحت علامات استفهام حول إمكانيّة نجاته. 
في الواقع، لقد بُترت ساقاه ودخل في غيبوبة. وإزاء هذه الحالة المستجدّة، وضع الأطبّاء ثلاثة احتمالات: إمّا غيبوبة طويلة، إمّا أضرار جسيمة في العصب، وإمّا موت وشيك. إلّا أنّ إصراره على المضي قدمًا في هذه الحياة، أيقظه في اليوم الثّالث، وجعله ينتقل من غرفة العناية الفائقة إلى غرفة عاديّة في المستشفى ليغادرها بغضون أسابيع قليلة ويستقرّ في منزله. هذا التّحسّن السّريع فاجأ الأطبّاء وأذهل البابا فرنسيس الّذي تلقّى بريدًا إلكترونيًّا من مشرّع محلّيّ يُدعى غوستافو فيرا أطلعه فيه على حالة المريض. 
في 18 تمّوز/ يوليو، وفيما كان ماكسيميليانو يستعدّ للمشاركة في احتفال تكريميّ أقامته هيئة بوينوس أيروس التّشريعيّة على شرفه، تلقّى اتّصال البابا فرنسيس المعزّي والمشجّع. إتّصال خلق فيه شعورًا مميّزًا ترجمته كلماته المشحونة بعواطف ظهرت عليه أثناء إلقائه كلمة في الاحتفال أمام مئات من عمّال النّفايات، نقل خلالها رسالة البابا إليه. 
لم تضع الحادثة حدًّا لحياة ماكسيميليانو ولنشاطه، بل على العكس هي نفحت فيه روحًا جديدة وجعلت منه إنسانًا لا يعكس إلّا صورة الله في عائلته ومجتمعه. هو اليوم أكثر ممّا مضى متوكّل على الرّب ومؤمن بوجوده، "هو أعطاني فرصة جديدة في الحياة" يقول ماكسيميليانو. 
هذا الرّجل المتفاني في عمله والّذي ما استحى من مهنة خجل الكثيرون من ممارستها، هو اليوم قدوة للكثيرين وملهم لهم. وقصّته جعلت المشرّع فيرا يسعى، بالتّعاون مع أمين عامّ اتّحاد سائقي الشّاحنات، إلى إعلان 22 آذار/ مارس يومًا خاصًّا بعاملي النّفايات، كتحيّة لهذا العامل الشّابّ.
له ولكلّ إنسان يمارس مهنته بوفاء وبدون أيّ خجل، ويكدّ من أجل لقمة عيش كريمة، نرفع قبّعة الاحترام ونؤدّي واجب التّحيّة، وننقل إليه مشاعر المحبّة والشّكر لأنّ تواضعه قادر أن يغيّرنا ويجعل منّا "خليقة جديدة".