24 آب 2016, 14:26
الانتخابات النيابية في الاردن ورسالة الكنيسة
في ما يلي نورد لكم توصية الكنيسة المحلية في ما يتعلق بالانتخابات النيابية الاردنية حيث ينشغل اليوم الشعب الاردني في هذا الاستحقاق الديموقراطي الذي يعبر عن وحدة الصف الاردني الواحد من شتى المنابت والاصول فالهم واحد والتحديات مشتركة رسالة البطريرك اللاتيني فؤاد الطوال رسالة قديمة صدرت قبل عدة اعوام تحمل ثوجيهات يجب اعادة نشرها اليوم لتعم الفائدة
أيها الأبناء الأحباء، نحن على أبواب الانتخابات النيابية للمجلس التشريعي النيابي السابع عشر في مملكتنا الأردنية الهاشمية. ويسرّنا بدايةً أن نوجّه الشكر إلى جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم الذي يهيب بالمواطن الأردني إلى ممارسة حقّه الدستوري في المشاركة في الانتخابات النيابية. وكلّنا فخرٌ بما قاله جلالته في استقبال قداسة البابا بندكتس السادس عشر، في أيار 2009: "إن أبناء شعبنا، مسلمين ومسيحيين، هم مواطنون متساوون أمام القانون، يشاركون جميعاً في بناء مستقبل بلدهم".
إن الانتخابات النيابية فرصة ذهبية يستطيع فيها المواطن الأردني أن يمارس حقه وواجبه في هذا الوطن الحبيب الذي يعيش فينا، إذ أنه بعد عبادة الله الواحد، يبقى الأردن أولاً، وتبقى مصلحة الوطن هي الأساس، وفوق كل مصلحة فردية أو مأرب فئوي. طلب السيد المسيح من أتباعه أن يكونوا في العالم، لا خارجاً عنه، وطلب منهم أن يكونوا فيه ملحاً ونوراً وخميرة. وتشكّل هذه الآيات وغيرُها أساساً لاشتراك كل مواطن أردني في تشييد وطنه وفي بناء مستقبله. فلا تناقض بين العبادة لله والانتماء للوطن.
وفي الانتخابات النيابية، علينا أن ننتخب الذين نراهم الأفضل أمام ضمائرنا وأمام الله، لكي يكون البرلمان القادم قادراً على تحمل مسؤولياته، لاسيما والمنطقة تعيش متغيّرات جذرية. وعلى الناخبين أن يحكموا ضمائرهم لانتخاب الأجدر والأكثر كفاءة. كما على أخوتنا المرشَّحين المسيحيين أن يعلموا أنّهم يرشّحون أنفسهم ليخدموا الصالح العام وليخدموا إخوتهم قبل أن يخدموا أنفسهم. من هنا عليهم أن يعملوا بروح الانتماء والمسؤولية والمحبة التي يوصي بها السيد المسيح أتباعه والتي هي دستور حياة المسيحي في كلّ زمان ومكان. كما ينبغي تجنّب كلَّ ما من شأنه أن يعيق الانتخابات النزيهة أو يعيق انتخاب المرشحين الأكفاء القادرين على تقديم الخدمة السليمة لمجتمعهم ووطنهم.
وما السلطة في الديانة المسيحية إلا خدمة، والمسيرة الديمقراطية التي خطاها الأردن، بحاجة إلى كلّ الكفاءات لتعمل بتناغم وانسجام. "وأما الكنيسة، فهي أمّ الجميع وكذلك الكهنة الرعاة فهم رعاة للجميع. ولهذا لا يجوز لهم أن يفرّقوا بين الأبناء في إرشادهم في هذا المجال. واجبهم يحتّم عليهم أن يتبنّوا الرؤية المسيحية للخدمة العامة والعمل السياسي. ويجب أن يبقوا هم بصورة خاصّة، رسل الكنيسة وعوامل وحدة بين المؤمنين وباقي المواطنين. وليمارسوا حقهم الانتخابي وليتصرّفوا هم أيضاً في إدلاء صوتهم بموجب ما يمليه عليهم الضمير والواجب" (من رسالة البطريرك ميشيل صبّاح بمناسبة الانتخابات البرلمانية عام 1993).
جاء في وثيقة العمل الأساسية لسينودس الكنيسة الكاثوليكية في الشرق الأوسط الذي عُقد في الفترة ما بين العاشر والرابع والعشرين من تشرين الأول لعام 2010: "للمسيحي إسهام نوعيّ لا غنى عنه في المجتمع الذي يعيش فيه، ليثريه بقيم الإنجيل، فهو شاهد للمسيح وللقيم الجديدة التي حملها للبشرية. ولذلك ينبغي على التعليم المسيحي أن يكوّن، في الآن نفسه، مؤمنين ومواطنين، فعّالين في مختلف مجالات المجتمع؛ فالإلتزام السياسي الخالي من القيم الإنجيلية شهادةٌ مضادة، ويسبب ضرراً أكثر ما يعمل خيراً .
وفي العديد من النقاط، تتلاقى هذه القيم مع قيم المؤمنين المسلمين، وبالأخص فيما يتعلق بحقوق الإنسان، ممّا يثير الاهتمام بالعمل على تنميتها" (وثيقة العمل الأساسية، رقم 111). وإذ نرفع إلى الرب، محب البشر، حارّ الدعاء من "أجل مليكنا المعظم، وكل ذي سلطة كي نقضي حياة وادعة مطمئنة، بكل تقوى وكرامة" (تيموتاوس الأولى 2:1)، فإننا نشكر الله تعالى على نعمة الأمن والاستقرار التي ترفل بهما مملكتنا العزيزة، كما نحث المواطنين على المشاركة في الانتخابات المقبلة وأخذها بكل جدية وروح انتماء صادق. نسأل الله أن يديم علينا نعمة الأمن، بقيادة العائلة الهاشمية الكريمة، وبمساهمة شعبنا المميزة. بارككم الرب وحفظكم جميعاً.