دينيّة
20 تموز 2024, 07:00

الإيمان المغبوط

تيلي لوميار/ نورسات
بقلم الأب جاورجيوس متني، كاهن رعيّة السيّدة –كفرعقاب

 

تكلّم الرسول بولس في رسالته إلى العبرانيّين على الإيمان الحقيقيّ قائلًا: "وأمّا الإيمان فهو الثّقة بما يرجى والإيقان بأمورٍ لا ترى"[1]. وإلّا يفقد الإيمان قوّته وتأثيره في حياتنا، فنهيم في سديم عالمٍ يؤمن بنفسه ويحصد أحلامًا تتطاير سرابًا لا قرار لها ولا رجاء".

 

هل كان الكتبة والفرّيسيّون، الدارسون للناموس والشريعة والمعلّمون لها، يؤمنون بربّها ومبدعها[2]؟ لا يكفي أن نعرف الكتاب الإلهيّ والتعاليم اللاهوتيّة والأبحاث البيبليّة، ولكن ينبغي علينا أن نجعلها دستورًا لحياتنا وهي تُدخل النور الإلهيّ إلى قلوبنا، فنحيا حياةً حقّانيّة. وهذا ما أكّده الرسول يعقوب عندما قال: "لأنْ كما أنّ الجسد من دون روحٍ ميّتٌ، هكذا الإيمان أيضًا من دون أعمال ميّتٌ."[3].

 

وعندما غبّط الربّ يسوع قائد المئة لإيمانه الكبير بأنّه قادرٌ على شفاء غلامه بسلطانٍ إلهيٍّ، على الرغم من أنّ هذا القائد كان وثنيًّا، جعله الربّ مقياسًا دان بموجبه إيمان كلّ إسرائيل الضعيف أحيانًا والمفقود غالبًا. وهذا ما جعل "البعيدين[4] يتّكئون مع إبراهيم وإسحاق ويعقوب في ملكوت السّماوات، وأمّا بنو الملكوت فيطرحون إلى الظّلمة الخارجيّة. هناك يكون البكاء وصرير الأسنان[5]".

 

إِذا كانَ "الْبَارُّ بِالإِيمَانِ يَحْيَا" [6]، فَأَيْنَ هُوَ المُتَواني!؟ وَإِذا كانَتِ الحَياةُ الحَقيقيَّةُ تَسكُنُ في قُلوبِ العامِلينَ بِالإيمان، فَأَيْنَ هُمُ المُتَقاعِسونَ!؟ الإيمان حياة المسيحيّ، كما أنّ الروح حياة الجسد. الإيمان يوحّد الإنسان بخالقه فيسير على طريقه حرًّا من الخطيئة لا من البرّ.

الإيمان الحيّ يقودنا إلى الحياة الأبديّة عندما نتغرّب عن الخطيئة التي أجْرَتُها الموت [7]. والحياة الأبديّة هي في معرفة الإله الحقيقيّ[8]  معرفةً عميقةً مرتبطةً بالحبّ الذي جعله يبذل نفسه على الصليب من أجلنا.

 

 

 

[1] عِبرانِيِّين (1: 11)  

[2] "عَلَى كُرْسِيِّ مُوسَى جَلَسَ الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ، فَكُلُّ مَا قَالُوا لَكُمْ أَنْ تَحْفَظُوهُ فَاحْفَظُوهُ وَافْعَلُوهُ، وَلكِنْ حَسَبَ أَعْمَالِهِمْ لاَ تَعْمَلُوا، لأَنَّهُمْ يَقُولُونَ وَلاَ يَفْعَلُون" (مَتّى 23: 3 – 4)

[3] يَعقوب (2: 26)

[4]الذينَ هُم مِن غَيْرِ اليَهود.

[5] مَتّى (8: 11-12)

[6] عِبْرانِيّين (10-38)

[7]"لأَنَّ أُجْرَةَ الْخَطِيَّةِ هِيَ مَوْتٌ..." (رومِيَة 6: 23)

[8] "وَهذِهِ هِيَ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ: أَنْ يَعْرِفُوكَ أَنْتَ الإِلهَ الْحَقِيقِيَّ وَحْدَكَ وَيَسُوعَ الْمَسِيحَ الَّذِي أَرْسَلْتَهُ" (يوحَنّا 17: 3).