الأجهزة الإلكترونية وأولادنا
جيل جديد لا يعيش بدون جهازه الإلكتروني. لا شكّ بأنّ لكلّ هذه الأجهزة وبرامجها فوائد جمّة، ومنها التواصل بسهولة مع الآخرين، والوصول السريع إلى معلومات، وحتّى في البشارة الكنسيّة.من جهة أخرى، تستعمل هذه الأجهزة إغراءات قد تُفقد الإنسان حرّيته بسبب قوّة الإغراء من خلال الصورة وسطحيّة الكلمة. ولعلّ أوّل من يتأثّر بهذه الأجهزة هم الأولاد. من العوارض الملاحظة عند الأولاد بعد الاستعمال الدائم لهذه الأجهزة: ضعف التركيز وضعف الذاكرة ومهارات التحليل، وقلّة الإنتاجيّة والفاعليّة في الدراسة، والتأثّر بأخبار وصور تطبيقات وسائل التواصل، ممّا يسبّب كثيرًا فقدانهم للاستقلاليّة في اتّخاذ القرار، واقتناء نوع من نرجسيّة وتمحور حول الذات... وفيما يلي بعضُ الاقتراحات لحُسن استعمال هذه الأجهزة بالوقاية منها وحماية أولادنا:
الأهل هم المثال
تصرّف الأهل أمام أولادهم وكيفيّة استعمال الأجهزة الالكترونيّة من قبل الأب والأم لها التأثير الأكبر على تعليم الأولاد. الحلّ يبدأ بنا كأهل. كيف ستعلّم الولد، وبالأخصّ المراهق، عدم الغرور والنرجسيّة، في وقت يرى أنّ أمّه، مثلًا، تضع صورًا لها في تطبيق إنستاغرام لتُظهر مفاتنها، متحدّية صديقتها التي تحسدها؟ لا بدّ بالتذكير بالكلمات الذهبيّة للقديس بورفيريوس الرائي: "قداسة الأهل تحرِّر الأولاد من المشاكل".
حوار مع أولادنا
الحاجة الماسّة اليوم إلى أن يخصّص الأهل أوقاتًا أكثر مع أولادهم ليتناقشوا بأمور الحياة وينقلوا خبراتهم المتراكمة، محاولين توعية أولادهم حول كيفية الاستعمال السليم لوسائل التواصل الجديدة.الحوار بين الأهل والأولاد أمر لا بُدَّ منه ضمن عمليّة التنشئة، وواجب الأهل الإحاطة بأولادهم وإرشادهم بحسب ما تقتضيه الحاجة.
معرفة التمييز
إنّ المعلومات والصور التي تنهال على الإنسان بحاجة إلى فَلْتَرة ومعرفة التمييز، أي الفصل، بين ما هو حقّ وما هو باطل. لعلّ الكنز الحقيقيّ الذي يستطيع الأهل أن يقدّموه لأولادهم هو تنمية موهبة التمييز التي ترافقهم في حياتهم. تنمو هذه الموهبة بواسطة الصلاة وقراءة الكتب المقدّس والكتب الروحية والاسترشاد بواسطة الأب الروحيّ. نجد أن تفعيل موهبة التمييز اليوم عند أولادنا ومنذ الصغر أمر أساسي وضروريّ لنموّهم واستقرار حياتهم.
تنظيم الاستعمال
يشجّع القدّيس يوحنّا الذهبيّ الفم على سرّ مهمّ جدًّا يساعد في سلام حياة العائلة واستعادة هدوئها: تنظيم إيقاع الحياة داخل المنزل. فهناك وقت لكلّ شيء، وقت للصلاة، ووقت آخر للعمل والدراسة والترفيه والرياضة والمساعدة بأمور البيت والاهتمام بالآخرين، ممّا يجعل الإنسان ينظر الى استعمال الأجهزة كأمر يمكن تأجيله وتنظيم استعماله، فلا يستبدّ بعد فينا وبوقتنا وحياتنا.