ثقافة ومجتمع
27 تموز 2016, 06:31

الأب جاك هامل... الشّهيد الطّيّب

ريتا كرم
58 سنة من الخدمة في حقل الرّبّ لم تنظفئ خلالها حرارة الإيمان الّتي توقد قلبه الطّيّب والمتواضع ولم يكفّ وجهه عن الإشعاع طيبة بالرّغم من تقاعده قبل أعوام قليلة. تقدّمه في العمر لم يوقفه عن تلبية حاجات البيعة لا بل كان ينفذّ كلّ مهمّاته بفرح ونشاط. هو أب وقور يقدّره كلّ أبناء رعيّته الّذين يجمعون على أنّه رجلاً يعيش الحياة ببساطتها وإنّما يقظ لكلّ الظرّوف ويتفاعل معها بسرّيّة وبروح إرساليّة رائعة. وقبل وقت ليس ببعيد، دعا إلى الصّلاة من أجل الشّعوب الّتي تزعزع سلامها فيعود الأمان إليها ويستعيد العيش معاً قيمته.

 

هذا هو باختصار الأب جاك هامل (86 عاماً) الكاهن المساعد في رعيّة "سان إتيان- دو روفراي" (Saint-Etienne-du-Rouvray) في روان (Rouen) الفرنسيّة الّذي شاء له الله أن يقرّب قربانه الأخير بالأمس، في قدّاس إلهيّ كان يحتفل به بحضور أربعة من أبناء الرّعيّة، من بينهم راهبتين، فاستشهد على مذبح الرّبّ، وانضمّ إلى قافلة الشّهداء الأبرار لتصبح شهادته أيقونة حيّة في القرن الحادي والعشرين.

وفي التّفاصيل، قضى الأب هامل في عمليّة إرهابيّة تبنّاها تنظيم داعش، ونفّذها مسلّحان اقتحما كنيسة سان إتينان حيث كان الكاهن يحتفل بالقدّاس الإلهيّ مع أربعة مصلّين فاحتجزاهم كرهائن وقتلاه ذبحاً في حين أصيب آخر بجروح خطيرة، لتتمكّن الشّرطة الفرنسيّة بعدها من القضاء على الإرهابيّين لحظة خروجهما من الكنيسة.

هذه "الجريمة الهمجيّة"، كما وصفها الفاتيكان، حصلت في وضح النّهار في أكثر الأماكن قدسيّة وأكثرها تجسيداً لحبّ الله، في الكنيسة. هناك اختار شابّان أن يفرغا أفكارهما المسمّة وينهيا حياة فاضت بالحبّ طيلة 86 عاماً.

حياة الأب هامل انتهت على هذه الأرض ولكن بدأت في السّماء وستبقى روحه ترافق كلّ من عرفه ومن لم يعرفه حول العالم؛ فصورته الّتي انتشرت بالأمس عبر وسائل الإعلام عكست للعالم محبّة دفينة تشعّ من عيني هذا الكاهن الشّهيد الّذي صلّى الجميع ليبقى ذكره مؤبّداً وتلقى نفسه راحة في ملكوت الله الواسع.