إلتقى سمعان بطرس بالمسيح... فصار الصّخرة
أمّا المسيح، وبشكل طبيعيّ، "التفت" "فرآهما يتبعانه"، سألهما: "ماذا تطلبان؟"، فأجاباه بسؤال: "رابي أين تقيم؟" فكان الجواب: "تعالا وانظرا". هل من بساطة أكثر من هذه؟ حديث مباشر فَفِعْل. هكذا يحبّ المسيح أن يكون حوارنا معه، خالٍ من التّعقيد والتّكلّف والتّصنّع لأنّه دائمًا حاضرٌ من أجلنا. أليس هو من قال "أطلبوا تجدوا إقرعوا يفتح لكم"؟
"ذهبا ونظرا أين يقيم، فأقاما عنده ذلك اليوم، وكانت السّاعة نحو الرّابعة بعد الظّهر"، كان الوقت كافيًا ليتعرّفا بعمق إلى المسيح، ويكتشفا أنّه المسيح المنتظر، ويلمسا سرّ محبّة الله.
الأمر الأساسيّ من لقاء المسيح بتلميذي يوحنّا هو شهادة أندراوس لأخيه سمعان: "وجدنا مشيحا أيّ المسيح". ونحن بدورنا لنعرف المسيح علينا أن نذهب إليه وننظر، لا بل أن نتأمّل به بعمق. إنّه موجود في القربان المقدّس، إنّه موجود في الإنجيل المقدّس، إنّه بانتظارنا دائمًا.
"التفت" المسيح إلى تلميذي يوحنّا "ورآهما"، يقول الإنجيل، ولكن عندما وصل سمعان مع أخيه "حدّق يسوع إليه" وقال له بشكل مباشر وحازم: "أنت هو سمعان بن يونا، أنت ستُدعى كيفا، أيّ بطرس الصّخرة." هو لم يره بعينيه فقط إنّما نظر إليه بعمق، عرفه، عرف قلبه، عرف بأنّه هو الصّخرة الّتي سيعتمد عليها في مسيرة حياته. غيّر المسيح مجرى حياة سمعان، حتّى أنّه غيّر له هويّته. معه بدأت المسيرة، مسيرة الخلاص، مسيرة الحياة الّتي فيها سيقود يسوع بطرس والتّلاميذ إلى سرّ قلبه العميق، سرّ الحبّ الّلامتناهي.
يا رب، علّمنا أن نحدّق إلى الآخر، أنّ نرى عمق قلبه فنحبّه وننمو معًا بنعمة محبّتك ونبشّر باسمك في العالم، آمين.