أَلحَقَّ أَقُولُ لَكُم: كُلُّ مَا عَمِلْتُمُوهُ لأَحَدِ إِخْوَتِي هؤُلاءِ الصِّغَار، فَلِي عَمِلْتُمُوه!
ولكن كيف نكون بخدمة الله من خلال خدمة الآخر هل هو شعار يطلقه يسوع ليدفعنا للمساعدة أم هي حقيقة نختبرها بحياتنا؟ يقول الفيلسوف الألمانيّ كيركغار "الحقيقة ليست بحقيقة إلّا إذا كانت في الوجود" أيّ لا يمكن أن ندرك حقيقة الله إلّا في اختباراتنا الحياتيّة الّتي نعيشها في داخلنا وليس في ظواهر الأمور، ولا يمكننا الولوج إلى داخلنا وأعماقنا دون الآخر الله والآخر القريب، لأنّ الله وحده هو الّذي يضيء لنا الطّريق لإدراك الحقيقة، والحقيقة ندركها مع الآخر الّذي نخدمه ونساعده ونكون بإصغاء لاختبار حياته،
نعم! هكذا ندرك حقيقة الله عندما نقارب الآخر الّذي يتألّم أو يجوع أو يعطش، الآخر الّذي يعطش ليس فقط للماء العاديّ ولكن للماء المتدفّق من جنب كلمة الله، فتكون الكلمة هي الّتي تروي ظمأه.
لم يعطنا الله الكلمة كتابةُ جامدةً على ورق ولكنّه أعطانا إيّاها كلمة حيّة افتدتنا بجسدها ودمها لتبقى كلمة حيّة مدوّية في كلّ زمن وفي كلّ عصر وما علينا اليوم إلّا أن ندرك حقيقة عمل الكلمة بالحياة من خلال هؤلاء الصّغار الّذين أخلوا ذواتهم للاستسلام لعمل الله وعظمته فندرك وإيّاهم أنّ معاناة الجسد ليست إلّا شاشة ظاهريّة تخفي في ذاتها معاناة من نوع آخر وهي السّعي الدّائم للقاء الخالق الحيّ الّذي ندهش في قراءة حبّ كلمته في العالم.