دينيّة
16 آذار 2015, 22:00

أوراق قنوبين تكشف معطيات جديدة حول مقرات بطريركية في الديمان، بريسات،حدث الجبة؟

(aleteia.org - أليتيا) كشف الأب أنطوان ضو ، أمين الشؤون التاريخية في رابطة قنوبين للرسالة والتراث ، في سياق العمل لجمع وتحقيق أوراق بطاركة قنوبين الذي تنفذه الرابطة بدعم رئيسها نوفل الشدراوي ، ان محلة بريسات من قرية الديمان قد عرفها البطاركة الموارنة ، واقام بعضهم فيها لفترات قبل أن ينتقلوا رسمياً الى كرسيي الديمان القديم والحالي .

معناها وأحداثها .
يقول الأب ضو ان كلمة بريسات تعني الاراضي المنبسطة الممتدة . وقد عرفها البطاركة الموارنة ، واقام بعضهم فيها في النصف الثاني من القرن الثامن عشر ، ففي 19 تشرين الاول سنة 1785 ، ذهب الخوري يوحنا الحلو ، البطريرك في ما بعد ، الى بريسات لمقابلة البطريرك يوسف اسطفان ( 1766 ـ 1793) المقيم هناك ، كما ورد في الصفحة 40 من مؤلف الخوراسقف يوسف زيادة عن البطريرك يوحنا الحلو ، منشورات جامعة الحكمة سنة 1997 .
ويكمل الأب ضو : البطريرك يوحنا الحلو الذي انتخب في 8 تموز سنة 1809 خلفاً للبطريرك المستقيل يوسف التيان ( 1796 ـ 1809 ) ، قد اقام في بريسات أولاً ثم في قنوبين حيث مات في 12 ايار 1823 ، كما ورد في " المفكرة " للبطريرك بولس مسعد . وقد كتب البطريرك يوسف التيان في 6 آب سنة 1810 رسالة الى خلفه يوحنا الحلو يهنئه فيها بالوصول الى مطرحه في بريسات قائلاً : " انسرينا بوصولكم بالسلامة الى مطرحكم بريسات . ونسأله تعالى أن تكونوا دايماً بخير " . وفي يوميات العلاّمة يوسف سمعان السمعاني ، وقائع نهار " اول تموز الاحد (1736) من العاقورة الى وادي الحرايص تحت عين البطية ومن بعد الغداء الذي كان يكفي عسكرين ، دخلوا بلاد الجبة في عراضة الى بريسات ، وبعد أن استراحوا قليلاً نزل القاصد في الوادي ... " ومعلوم ان العلامة السمعاني كان موفداً بابوياً لمتابعة انعقاد المجمع اللبناني سنة 1736 .

الانتقال من قنوبين .
يضيف الأب ضو : هذه الوثائق التاريخية وسواها التي نطلع عليها في سياق عملنا الذي بدأنا به منذ فترة والمتعلق بجمع وتحقيق اوراق بطاركة حقبة قنوبين ، تضيء بصورة أكيدة على جملة حقائق :
1 ـ اعتماد أحد أديار بريسات لاقامة البطاركة يعود الى عهد البطريرك يوسف ضرغام الخازن (1733 ـ 1742 ) وفق يوميات العلامة السمعاني .
2 ـ اقامة البطريرك يوسف اسطفان الذي زاره الخوري يوحنا الحلو في بريسات كما ورد .
3 ـ اقامة البطريرك يوحنا الحلو في بريسات قبل قنوبين كما ورد في رسالة سلفه يوسف التيان اليه .
4 ـ ان وضع دير سيدة قنوبين المتدهور دفع بالبطاركة الى الانتقال منه الى مكان قريب اليه ويسهل التواصل منه مع سائر المناطق وفي طليعتها كسروان .

أي دير في بريسات ؟
أمين النشر والاعلام في رابطة قنوبين الزميل جورج عرب ، قال : لا بد من قراءة المعطيات التاريخية المذكورة على أرض الواقع الجغرافي لبريسات لتحديد مكان اقامة البطاركة ، والخلاصة هي :
1 ـ توجد ثلاثة أديار في بريسات هي أديار مار اسطفان ، ومار شربل ، ومار يوسف ، والأخير بات كنيسة رعية بريسات الحديثة .
2 ـ دير مار اسطفان ومار شربل يقعان ضمن أملاك البطريركية المارونية الممتدة من قنوبين صعوداً الى الديمان ، وهما في حي بريسات العتيقة ، من الديمان الحالية ، ويشكلان الامتداد الطبيعي لموقع حديقة البطاركة .
3 ـ دير مار يوسف يقع في أملاك وقف رعية بريسات وليس في أملاك البطريركية .
4 ـ هناك بقايا مزار قديم على اسم مار شربل في نطاق حدث الجبة العقاري الحالي . ولا يعرف ما اذا كان يقع ضمن نطاق بريسات في الماضي نظراً للخلاف الذي كان قائماً على حدودها الغربية مع حدث الجبة .
5 ـ يرتبط دير مار اسطفان ومار شربل مباشرة بوادي قنوبين عبر طريق مشاة مزمنة لا تزال سالكة توصل من موقعي الديرين المذكورين الى كنيسة سيدة الكرم في وادي قنوبين ، ومنها نزولاً الى مجرى نهر قاديشا ومنه صعوداً الى دير سيدة قنوبين .

6 ـ ملكية البطريركية لديري مار اسطفان ومار شربل ، واتصالهما بقنوبين عبر طريق للمشاة يرجحان كون احدهما مقراً بطريركياً . ولكن اي دير منهما ؟ لا دلائل موثقة لحسم الأمر الا اذا صحت الرواية المنقولة حول ان العلاّمة يوسف سمعان السمعاني ، الذي وردت شهادته الموثقة سابقاً ، قد اقام القداس في كنيسة مار شربل ، وأكمل الى حصرون بلدته حيث حدث أمه بالسريانية ، فمعها يحسم الجواب بصورة مؤكدة ان دير مار شربل هو المقر البطريركي . أما غير هذه الرواية فهناك مؤشر آخر يعزز احتمال ان يكون دير مار شربل هو المقر البطريركي هو اطلاق تسمية دير على مار شربل في التداول الشعبي الموروث فيما يعرف مار اسطفان بكنيسة او بمزار مار اسطفان . ومعلوم ان المقر البطريركي يقوم في الاديار . الا ان هذا الترجيح لا يحسم الأمر بصورة علمية ، ويبقى اجراء الفحوصات المخبرية للعظام التي يعثر عليها في هذه المواقع المعيار الأهم لحسم الموضوع .
وأضاف عرب : في مطلق الأحوال لقد بدأنا ورشة تنظيف موقع دير مار شربل لرفع الأتربة والأشواك والنباتات البرية عنه وكشف بقاياه ، وآثار الدير حنية المذبح الدائرية وبقايا أساس البناء وجدرانه بطول 17 متراً وبعرض 4 أمتار .

مبادرة جديدة .
رئيس رابطة قنوبين للرسالة والتراث نوفل الشدراوي ، شكر الأب ضو وسائر العاملين في هذا البرنامج ، وقال : لقد بدأ هذا البرنامج يفتح آفاقاً أوسع لعمل رابطة قنوبين المتصل بتراث الوادي المقدس نظراً لما يكشفه من الارث المغمور من هذا التراث ، وهو يتعلق بتراث القرى والبلدات المحيطة بالوادي ، التي تشكل معه وحدة لا تتجزأ . لذلك تعد الرابطة لمبادرة جديدة تقوم على تحريك اهتمام كل رعية على صلة بالوادي لجمع وتحقيق تراثها المغمور . وهذا ما سيعلن عنه قريباً بالتفصيل .
وأضاف الشدراوي : أما بخصوص ما كشف مؤخراً حول اقامة البطاركة ، فاننا نأمل من المديرية العامة للآثار الإسهام في اجراء الدراسات العلمية التاريخية تمهيداً لأعمال الترميم اللازمة لاحقاً .