ثقافة ومجتمع
23 أيار 2024, 13:30

أهميّة العائلة المسيحيّة في ظلّ تحدّيات العصر

تيلي لوميار/ نورسات
بقلم المحامي ميشال أنطوان عازار

 

"قال بعضهم إنّ الزواج مؤسّسةٌ فاشلة، وبالتالي، فالعائلة المبنيّة على الزواج هي أيضًا مؤسّسة فاشلة. هذا غير صحيح.

الموضوع شائك ومعقّد. فما يمكن أن يقال في موضوع العائلة بالإجمال والمسيحيّة بالتحديد، في عصرنا هذا؟ عصر التحدّيات الكبرى والإديولوجيّات الحديثة التي تتكلّم عن النسبيّة التي تنفي كلّ ما يتعلّق بما هو مطلق(absolu) وموضوعيّ (objectif).

هذا من دون أن ننسى وجود سلّم قيم(hiérarchie des valeurs) في الأذهان يُبَدّي المال والمصلحة والملذّات المنحرفة على القيم والمبادئ الإنسانيّة.

كم من مرّة سمعنا من حولنا هذه العبارة التي تقول إنّ الزواج مؤسّسة فاشلة. فعندما يُقال إنّ الزواج مؤسّسة فاشلة فهذا معناه، بطريقة غير مباشرة، أنّ العائلة، كونها مبنيّة على الزواج، هي أيضًا مؤسّسة فاشلة، وهذا غير صحيح.

العائلة ليست مؤسّسة فاشلة إطلاقًا، إنّما صعوباتها وتحدّياتها، في يومنا هذا، كثيرة وذات أهمّيّة. وهي على سبيل المثال لا الحصر، الطلاق، الوحدة (la solitude)، المرض، الغيرة، مشاكل الإرث، وجود حالة إعاقة ضمن أفراد العائلة، الصعوبات المادّيّة، التشنّجات الزوجيّة، المخدّرات، المثليّة، صراع الأجيال (conflit des générations)، بين جيلٍ وآخر...

إنّ الأمر الأّول الذي يجب أن ننظر إليه في هذا الإطار، هو أنْ داخلَ العائلة نجد أنبل أنواع الحبّ والمودّة والمعزّة الصادقة: أكان الحبّ الوالديّ، الحبّ الزوجيّ المخلص، الحبّ الأخويّ، حبّ الأبناء والأحفاد، حبّ الأجداد... وهذا ما ينبغي أن نحافظ عليه برموش العين. والمحافظة على هذه العلاقات السامية تمرّ بالضرورة باحترام قيم العائلة المسيحيّة التي هي المحبّة، الإخلاص، التضحية، التعاضد، الخدمة، الاحترام، التسامح، كرم الأخلاق... وتوريثها من جيل إلى جيل ومن الآباء إلى الأبناء والأحفاد...  

هذا فضلًا عن أنّ دور الأهل هو مساعدة الأولاد في تحقيق ذاتهم وطموحاتهم. وهذا لا يتحقّق إلّا إذا وجد، ضمن العائلة، من جهة مثلٌ صالح، ومن جهة ثانية التزام، ومن جهة ثالثة تناغمٌ وانسجامٌ بين ما يقال وما يعاش.

مع الإشارة إلى أنّ للصلاة العائليّة دورًا جدًا مبارز في حماية ووحدة العائلة وديمومتها، خصوصًا أنّ دور الأب إجمالًا هو حماية العائلة، أمّا دور الأمّ فيتعلّق بوحدتها. فلهذا يُقال عن صواب، إن "الأم بتلمّ".

في عصر العولمة والنظريات المضلّلة والمتفلّتة، هل نجد آذان صاغية وقلوب منفتحة ؟!"