دينيّة
16 تشرين الثاني 2024, 06:40

أصدق_صلاة

تيلي لوميار/ نورسات
بقلم المونسنيور يؤنّس لجظي كاهن قبطيّ كاثوليكيّ والسكرتير السابق للبابا فرنسيس

 

"وحينما تصلّون لا تكرّروا ٱلكلام باطلًا كٱلأمم، فإنّهم يظنّون أنّه بكثرة كلامهم يستجاب لهم. فلا تتشبّهوا بهم. لأنّ أباكم يعلم ما تحتاجون إليه قبل أن تسألوه. فصلّوا أنتم هكذا: أبانا ٱلّذي في ٱلسّماوات، ليتقدّس ٱسمك. ليأت ملكوتك. لتكن مشيئتك كما في ٱلسّماء كذلك على ٱلأرض. خبزنا كفافنا أعطنا ٱليوم" (مت 7:6-11).

"حوّلي عنّي عينيك فإنّهما قد غلبتاني" (نش 6: 5).

أصدق صلاة هي تلك التي تنبع من قلب الإنسان المحرّر من الحقد والكراهية والرغبة في الانتقام.

أصدق صلاة هي تلك التي تشجّع المصلّي على القيام بما يستطيع القيام به كلّه من دون تواكل أو اتّكاليّة أو تأجيل أو تحجّج بالظروف والأوضاع.

أصدق صلاة هي تلك التي تحرّر الإنسان من الأنانيّة والتركيز على الذات ليفتح ذراعيه لاحتضان العالم والآخرين والصلاة من أجل الجميع حتّى أعدائه.

أصدق صلاة هي تلك التي يرفعها الإنسان بصدق ومن دون رياء أو تركيز على الشكليّات والمظاهر الخارجيّة.

أصدق صلاة هي تلك التي لا تعرف التأجيل أو الاستعجال لأنّ المصلّي يقوم بها بمحبّة وفي الحبّ يختفي الزمن ويبطل منطق الحسابات.

أصدق صلاة هي تلك التي لا تقوم على نظام المقايضة وكأنّ المصلّي يقرض الله ليساومه.

أصدق صلاة هي تلك التي لا تعرف الانقطاع وتستمرّ في الفرح والحزن، في النجاح كما في الإخفاق، في أوقات الانتصار كما في أوقات الانكسار.  

أصدق صلاة هي تلك التي تغيّر فكر المصلّي حتّى يقبل بطاعة بنويّة إرادة الله مهما بدت قاسية أو غير مفهومة: "يا أبتاه، إن شئت أن تجيز عنّي هذه الكأس. ولكن لتكن لا إرادتي بل إرادتك" (لو 22: 42).

أصدق صلاة هي تلك التي لا تقوم على تكرار الكلام وترديد العبارات المحفوظة، وتنميق الجمل.

أصدق صلاة هي تلك التي نقوم بها بكلمات بسيطة وبصمت متأمّل وبقلب خاشع ونفس مؤمنة وعقل آمن وواثق.

أصدق صلاة هي صلاة العارف بأنّه خاطئ لا يجرؤ على رفع عينيه إلى السماء ويقرع صدره خجلًا: "ارحمني يا ربّ أنا الخاطئ" (لو 18: 13).

أصدق صلاة هي تلك المنطلقة من الإيمان بأنّ أبانا السماويّ يعلم ما نحتاج إليه حتّى قبل أن نسأله، (ق. مت 6: 8 ).

إنّ أصدق الصلوات هي التي نرفعها بدموعنا لأنّ فَمَنا يعجز عن نطق الكلمات.