ثقافة ومجتمع
02 أيلول 2016, 08:38

أرضهم لهم وعرضهم لهم وسيوفهم للأمير

الشبانية بقيت هناك غارقة في أحراش الصنوبر والسنديان بلدة الأمراء اللمعيين في قضاء المتن الأعلى. أبناء الإمارة اللمعية كان بيتهم لهم وأرضهم لهم وعرضهم لهم، وسيْفهم للأمير يدافعون عنه بحياتهم ويفدونه بدمائهم. هذا هو نبل وعظمة الإمارة اللمعيّة وتميّزها عن تاريخ الإمارات اللبنانية والإقطاع في تلك الأيام وعن بقيّة المناطق اللبنانيّة.

 

ـ ميدان الفرسان ـ

«الميدان» باق هناك. انه ميدان الفرسان في ساحة الشبانية امام بيت الامير المطل على الميدان، ميدان الامراء والفرسان. ولو هدم الزمان قصر الامراء فأطيافهم باقية ومقابرهم تستظل صنوبرات كنيسة مار الياس القريبة.

ـ السيّدة المنمّشة الوجه ـ

«والسيّدة» هناك سيّدة العرش الجميلة الرائعة الفريدة والمنمّشة الوجه بطريقة غير مألوفة وغير موجودة في العديد من صور السيّدة العذراء في العالم. وقد طبعت صورتها في عيني وقلبي ومخيّلتي وكم ركعت أمامها مصليّاً مندهشاً بجمالها الفريد طوال أيام حياتي.


ـ صليب على الاموات -

هنا كان السبع داود مونّس الصامد في الميدان، البطل «القبضاي» في الشبانية طوال زمن الحرب القاسية مع  بقية باقية من أهل الشبانية يصلّون ويقرعون صدورهم ليحرس الله وطنهم وقريتهم وأهل بلادهم وبينهم أختي المصلّية بديعة. هنا في الشبانية كان داود حارساً للكنيسة ساهراً على أغراضها وأوانيها المقدسة منتبهاً للاحياء وللأموات مصلياً عليهم بصليب أخذه عن تابوت أحد الأموات، لأن وصول تابوت وعليه الصليب كان مستحيلاً في تلك الايام. خبأ داود الصليب وبه كان يصلّب على جثث الأموات قبل أن يودعهم في المقابر حيث لم يكن هناك أي كاهن أو رتبة لمرافقة الأموات.

وقد ذكر هذه الوقائع الكاتب والصحافي الفرنسي Jean Peroneel Hugo في كتاب Croix sur le Liban.

 

 ـ قدّاس صحيح على الراديو ـ

هناك كانت أختي بديعة الفاتحة ذراعيها للصلاة، تضع طاولة صغيرة وعليها خبز وخمر وبخور وتسمع القدّاس الصباحي الذي كنت أقيمه مع الأب يوسف الأشقر على إذاعة لبنان الحر، كانت أختي بديعة تؤمن أن الخبز سيتحوّل الى جسد الرّب يسوع بعد الكلام الجوهري وكذلك الخمر الى دم يسوع المسيح، فتتناول القربان المقدّس وتحمله الى المرضى وكبار السن والعجزة في الشبانية. كانت الشبانية خالية من كاهن يقيم على مذبحها الذبيحة الإلهية ويقوم بمناولة المرضى والعجزة.


ـ بلدة الرؤساء والقدّيسين والشهداء.

الشبانية بلدة الأبطال والشهداء، بلدة الرئيس الكبير الياس سركيس شهيد حبّه للبنان، وهي بلدة المحترم «القدّيس» الأب العام إجناديوس سركيس والفيلسوف الشهيد كمال الحاج ووالده المفكّر يوسف الحاج وبلدة المونسنيور البرديوط الراعي والكاهن الغيور يوسف مونّس كاهن الرسالة والخدمة والمحبة والكلمة الحق والرجولة المحافظة على العيش المشترك بين المسيحيين والموحدّين الدروز وأبناء الجبل، وبلدة الخوري الخواجه أنطوان مونّس والأباء مارون سركيس ولويس مونّس وطانوس مونّس والخوري ميناس النمّار والدكتور الأب نبيل مونّس مؤسّس مزار أم الحياة في سان دياغو والعديد من الرعايا في أميركا وفرنسا والأب شربل رعد رئيس دير ومدرسة مار أنطونيوس حمّانا وحفظ المونسنيور الدكتور جرجس الخلي المثقف العالم وحامل رسالة الإنجيل في دنيا الإغتراب.

والشبانية بلدة الدكتور أنطوان القرداحي الباحث في فرنسا والدكتور موريس القرداحي في أميركا والدكتور وسيم مونّس في أميركا والدكتور زياد الخلي في أميركا والدكتور يوسف البعقليني في فرنسا والدكتور خليل النمّار الساهر على جميع مرضى المتن الأعلى والدكتور بيارو سركيس والدكتور ايلي رعد، والدكتورة تانيا رعد وميرنا رعد وتتيانا مونّس والدكتور توفيق عبده مونّس والدكتور صلاح ابو الحسن ووليد ابو الحسن والدكتور وجيه مفرّج والدكتورة مهى مفرج، وسميّة الجبيلي.

وهي بلدة الخوري طوني سركيس في اوستراليا وقد أعطت الشبانية العديد من الراهبات اللامعات كالأخت ماري مادلين البشعلاني، والأخت فيتومين بشعلاني، والأخت جان دارك الخلي والأخت شنتال الخلي والأخت المشيرة ماري سلست سركيس بنت المختار افرام سركيس والأخت رجينا نجم والأخت الكاتبة المفكرة المبدعة دافيد مونّس خاصة في كتابها الأخير الرائع «مزامير راهبة» الذي كان لي شرف كتابة مقدمة له. كما شرّفني  حفظ الأب الحبيب شربل رعد بأن أكتب له مقدمة لكتابه الرائع لتودوريلسن: أتقياء الله.

 

ـ مدرسة مار تقلا مدرستي ـ

هنا كانت وما زالت مدرسة مار تقلا التي كانت أنطشاً للرهبانية اللبنانية المارونية وقد وهبتها الرهبانية للشبانية وفيها كانت بداية مشوارنا الثقافي والعلمي مع الأساتذة جوزف سركيس ويمين يمين في ظل صنوبرات وسنديانات الشبانية الغضة المحيطة بكل البلدة الرائعة المناخ وجمال الطبيعة وحيث كانت الصعود الى هذه المدرسة بطريق صعب كأنه الصعود الى منابر العقل والحكمة والمعرفة والنور او الى جبل الاريوباج في مدينة اتينا العظيمة. وهنا ابتدأت طريقي المعرفية والثقافية والعلمية والروحية. غمرتني الطبيعة وفصولها واكرارها، والارض وخيراتها وغلاتها والسماء بزرقتها وهجرة طيورها ووصوت الريح وسقوط الثلج.

 

ـ رفقا في مصنع الحرير ـ

هنا كان مصنع الحريري في القرية حيث عملت القديسة رفقا وأقامت في الشبانية.
هنا كان قصر الإمارة اللمعية القريب من بيتنا وبيت المهندس الياس سركيس والمهاجر نسيب ضومط فارس مونّس هنا كان وما يزال نبع غابة الشبانية في ظل حورات وصفصفات عتيقة  الأيام الشبانية كانت وما تزال البلدة المكونة بأسماء الأماكن «الحيثيّة» الغريبة: نهر الدم، النهر الكبير الطواحين، البيادر، المعاصر، العيون عين الباردة، الجوار، الخليجه، البحيرة ورا التل، رؤوس الكرودم، عين بعنان تحت الشقيق، شوار البستان، عندره،  دير الرغم، الجبيلة، العرفان، ساقية الدعيسات الجورة، القبة، قبور اليهود العاصي، العقدة…

 

ـ عصافير الفردوس وطيوره ـ

هنا في هذه القرية الجميلة الوادعة تتردد أصوات أجمل الطيور، الجمال الشحارير، البلابل، السلنج، بط الأرض الهدهد، أبو زريق، الحسون، أبو الحن، الورور، السنونو، الغربان، العقبان، الترغل، الدوري، الخوري، الشماس، الدعويق، الويتة، الغرب.