دينيّة
08 تشرين الأول 2024, 13:30

أحبّوا أعداءكم "

تيلي لوميار/ نورسات
بقلم الأب باسيليوس محفوض خادم عائلة كنيسة الصليب المحيي للروم الارثوذكس في النبعة

 

يطلب الربّ يسوع المسيح منّا أن نحبّ أعداءنا؟ هل هذا سهل؟ لا. ولكن الربّ يأمرنا أن نحبّ أعداءنا.

لماذا أعطانا يسوع هذه الوصيّة الصعبة والصارمة.  

أعطانا إيّاها لأنّها ضروريّة جدًّا، للحياة الحاضرة والحياة المقبلة.

ما أروع هذه الكلمة "أحبّوا أعداءكم".  

كلمات بسيطة ولكن عندما يسمعها الإنسان يشعر بالخجل. هل فكّرتم في هذه الوصيّة الواضحة؟ كم هي بعيدة عن حياتنا وعن تحقيق وصايا يسوع. ماذا كان ليحدث بالأرض لو لم يأمر المسيح بحبّ الأعداء، لو سمح للشرّ أن يؤدّي حساب الشرّ. حينها لن تكون هناك نهاية للمشاجرات لا بل للمشاحنات والصراعات. وقتها سيعيش العالم، على الأرض، كما لو كان في الجحيم.  

من المستحيل إيقاف الشرّ وقمعه بالشرّ. يمكن إيقافه بالمحبّة والرحمة. المحبّة هي التي تهدّئ الإنسان الشرّير. لذلك الذين يحبّون الله من كلّ قلوبهم ويتبعون وصاياه والذين يغمرهم الروح القدس والذين يعيشون بالحبّ والمتواضعون، يتعلّمون محبّة الأعداء.

هناك صفتان للمحبّة وهما أساسيّتان في عمل الخير: الشفقة والرحمة، لأنْ من المستحيل أن تحبّ وليس في قلبك شفقة، ومن المستحيل أن تحبّ من دون أن ترحم.  

والحبّ النقيّ يتمّم الوصايا.

لهذا يطلب الربّ منّا ألّا ننتظر أي شيء مقابل الخير الذي نقوم به ويعِدُنا بمكافأة الفرح الأبديّ وبالبنوّة لله.  

يشير الربّ إلى أنْ، ينبغي على الإنسان المسيحيّ أن يمرّ عبر الأبواب الضيّقة والطريق الشائك من دون خوف من الأحزان لأنّ المتألّم يتحرّر من الشرّ ويصبح هادئا ووديعًا ومليئًا بالحبّ، من خلال الصوم والصلاة الدؤوبيْن.

لا بدّ للإنسان من أن يدخل في شركة مع الله. ومن المستحيل أن يكون في الملكوت، من لا يتعلّم هنا على الأرض، أن يحبّ الجميع.  

ستقولون هناك أشخاص من المستحيل أن نحبّهم. في مثل هذه الحالة، لنستعِنْ، بصدق، بالله الذي هو محبّة، وهو قادرٌ على أن يوسّع قلوبنا.

إذًا، سوف نحبّ بعضنا بعضًا، وسوف نحبّ الجميع، حتّى أعداءنا والمنافقين. ولكن، سواء أحبّونا أم لا فلا داعي للقلق كثيرًا بشأن هذا الأمر، ولنهتمّ فقط بأنّ نحبّهم نحن.

من الصعب ألّا يكون لنا أعداء، ولربّما من المستحيل أن يحبّنا الجميع، ولكن، يمكننا نحن، بنعمة الله، أن نحبّ الجميع كثيرًا.

قال الرسول بطرس هذه الكلمات "أمّا أنتم فجيل مختار، وكهنوت ملوكيّ، وأمّة مقدّسة، وشعب اقتُبس، لكي تُعلنوا فضائل الذي دعاكم من الظلمة إلى نوره العجيب"(1 بط 2: 9)، فإذا أردنا أن نُعَدَّ من هذا الشعب فلنُعِدَّ أنفسنا بالعمل بوصايا ربّنا يسوع المسيح ومنها أن "أحبّوا أعداءكم".