دينيّة
22 تموز 2016, 10:55

22 تمّوز/ يوليو: عيد القدّيسة مريم المجدليّة

ريتا كرم
هي إبنة مجدلا، تلك القرية الصّغيرة الّتي تبعد خمسة كلمترات عن مدينة طبرية، سكّانها صيّادو سمك، ومنها اصطاد يسوع صبيّة انعطفت حياتها، منذ أن رفض الحكم عليها قائلاً للكتبة والفرّيسيّين الّذين رموها أمامه على أنّها امرأة زانية: "من كان منكم بلا خطيئة، فليكن أوّل من يرميها بحجر!" (يو 8/ 7) وبعد أن توجّه إليها مضيفاً: "أنا لا أحكم عليك، إذهبي ولا تعودي بعد الآن إلى الخطيئة." (يو 8/11)؛ فصارت القدّيسة مريم المجدليّة "حاملة الطّيب" الّتي دخلت بيت أحد الفرّيسيّين كان قد دعا يسوع إلى مائدته، "ووقفت من خلف عند رجليه وهي تبكي، وجعلت تبلّ قدميه بالدّموع، وتمسحها بشعر رأسها، وتقبّل قدميه وتدهنهما بالطّيب" (لو7/ 38)، فغفر لها خطاياها لأنّها سكبت جمّاً من الحبّ، فخلّصها إيمانها.

 

ومذّاك، صارت المجدليّة إحدى تلميذات يسوع: شهدت على صلبه وزارت قبره وأعلنت قيامته. كانت أوّل من شاهد المسيح بعد قيامته فنقلت البشرى السّارّة إلى الرّسل. جالت التّلميذة الوفيّة لمعلّمها بلاد الغال- فرنسا- ومصر وفينيقيا وسوريا وبلداناً أخرى مبشّرة فباتت معادلة للرّسل، وأمضت بعدها بعض الوقت في أورشليم فأفسس حيث رقدت وفاضت عجائب كثيرة، قبل أن تُنقل رفاتها إلى القسطنطنيّة عام 899 م.

مريم المجدليّة كانت، قبل لقائها بيسوع، تمتلك الكنوز الأرضيّة بكلّ ما للكلمة من معنى، غير أنّها تخلّت عن كلّ شيء من أجل إيمانها بالرّبّ يسوع فاغتنت من تعاليمه. هذه المرأة، بعد القيامة، ذهبت إلى روما حيث زارت الإمبراطور طيباريوس قيصر واشتكت على بيلاطس البنطيّ الّذي أعطى الأمر بصلب يسوع فعزل بيلاطس وأمر بقتله.

إلى الإمبراطور حملت هديّة صغيرة عادة ما يحملها الفقراء إليه، دلالة على أنّها تخلّت عن كلّ أملاكها، وقالت له:  "هذه بيضة دجاج بسيطة لأن المسيح قام!"، "لا أصدّق هذا"، أجاب الإمبراطور، "مثلما لا أصدّق أن تصير هذه البيضة البيضاء الّتي تحملينها حمراء". وفي اللّحظة عينها الّتي كان يتكلّم فيها تحوّل بياض البيضة إلى لون زهريّ فاتح ما لبث أن تحوّل إلى أحمر  حادّ، فكانت  هذه أوّل بيضة فصح. وفي الكنيسة الّتي شيّدها الإمبراطور الإسكندر الثّالث، في حديقة الجسمانيّة في أورشليم، يجتمع المؤمنون يوم عيد القدّيسة مريم المجدليّة، في 22 تمّوز/ يوليو حيث يتلقّون بيضة حمراء للمناسبة.

لا تزال يد القدّيسة مريم المجدليّة اليسرى الّتي حملت الطّيب، تحافظ على حرارتها منذ أكثر من ألفي عام، ويحفظها دير سيمونوس في الجبل المقدّس آثوس، وهو يعبق من حين لآخر برائحة الطّيب، فتهطل السّماء نعمها على طالبيها وتتمّ الآيات بشفاعة المجدليّة.

اليوم، في عيدها، دعوة لكلّ منّا أن يعود عن كلّ زنى اقترفه ويتحلّى بشجاعة المرأة الخاطئة، ويتوب إلى الله بحبّ جمّ تعطّره دموع النّدامة، لأنّ الرّبّ رحوم غفور.