لبنان
09 أيلول 2024, 07:40

"وفق يسوع قريبك هو الذي أنت تصنعه قريبك، عندما تعامله بالمحبّة والرحمة": الراعي

تيلي لوميار/ نورسات
إحتفل البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، في الثامن من أيلول/سبتمبر 2024 بالقدّاس الإلهي، وقد قُرئ إنجيل لو 10: 29)، الذي يروي مثل السامريّ الصالح، وهو، في آن، عيد مولد سيّدتنا مريم العذراء، والدة الإله.

 

تركّز قراءات الأحد، في الأحد الأخير من زمن العنصرة، في الكنيسة المارونيّة، على المحبّة ببعديها: العاموديّ والأفقيّ. وينقل لنا الإنجيل، مثل السامريّ الصالح الذي رواه يسوع لسامعيه، وعن المحبّة تحدّث البطريرك الراعي في عظته، قال: "من هو قريبي؟ (لو 10: 29)، سؤال مهمّ طرحه على الربّ يسوع ذاك الرجل العالم بالتوراة، لأنّ فيه أعطى المعلّم الإلهيّ الجديدَ في تعليمه. أي إنّه جعل رابط المحبّة والرحمة رابطَ القرابة. "قريبنا" هو الذي نعامله بالمحبّة والرحمة. هكذا أجاب عالم الشريعة. لـمّا سأله يسوع: "أيّ هؤلاء الثلاثة، في رأيك، كان قريبًا للذي وقع بين أيدي اللصوص؟" أجاب عالم الشريعة: "الذي عامله بالرحمة". فأعلن يسوع شريعته الجديدة: "اذهب واعمل أنت أيضًا هكذا" (لو 10: 36-37).  

كان السؤال الأساسي الذي طرحه ذاك العالم بالتوراة: "يا معلّم، ماذا أعمل لأرث الحياة الأبديّة؟" فكان جواب الربّ بسؤال: "ماذا كُتب في التوراة، وكيف تقرأ؟" فأجاب من دون تردّد: "أحبب الربّ إلهك من كلّ قلبك، وكلّ نفسك، وكلّ قدرتك وكلّ فكرك. وأحبب قريبك كنفسك" (لو 10: 27). فأجابه الربّ يسوع: "بالصواب أجبت! افعل هذا فتحيا" (لو 10: 28).

ولكن، على السؤال الثاني: "ومن هو قريبي" (لو 10: 29)، جاء جواب يسوع فتحًا جديدًا، وتطوّرًا لشريعة المحبّة القديمة. "قريبك" هو أيضًا وخصوصًا عدوّك. "قريبك" هو الذي أنت تصنعه قريبك، عندما تعامله بالمحبّة والرحمة. هذا ما أراد يسوع أن يبيّنه بالمثل الذي أعطاه: القرابة الحقيقيّة، قبل أن تكون قرابة الدم أو الدين، هي قرابة المحبّة والرحمة. الرجل الذي وقع بين أيدي اللصوص كان يهوديًّا. مرّ اثنان من ملّته ودينه، كاهن ولاويّ، فأبصراه ومالا عنه ومضيا. فلا الدين ولا الملّة حرّكا قلبيهما، ما يعني أنّهما ليسا رابط القرابة الحقيقيّة. أمّا الذي اعتنى به، بمحبّة ورحمة، وهو عدوّه أي السامريّ فحوّل العداوة إلى محبّة ورحمة".

أكمل البطريرك تأمّله قال: "المحبّة والرحمة هما ثقافتنا المسيحيّة التي علينا أن نعامل بها كلّ إنسان، دونما اعتبار لِدينه أو ملّته أو انتمائه. يكفي أن يكون ذا حاجة. والحاجة لا دين لها ولا انتماء. فالينبوع لا يسأل العطشان عن دينه، وانتمائه. هذه بطولة الحياة في تعليم الربّ يسوع".

قال البطريرك أيضًا: "تحتفل الكنيسة اليوم 8 أيلول/سبتمبر بعيد مولد سيّدتنا مريم العذراء. يرقى هذا العيد إلى القرن السادس في الشرق. أرادت الكنيسة أن تكرّم، في هذا العيد، ميلاد مريم لأنّها تجعل منه بدءًا لخلاص البشريّة بالمسيح الذي سيولد منها. وُلدت مريم، ككلّ إنسان، من والدَين هما يواكيم وحنّة. ولكن بتدخّل إلهيّ عصمها الله من الخطيئة الأصليّة، الموروثة من أبوَينا الأوّلين آدم وحوّاء، حسب كتب الوحي الإلهيّ. عصمها الله لأنّه أعدّها لتكون أمّ ابنه، الأقنوم الثاني من الثالوث الأقدس، الذي ستحبل به، بقوّة الروح القدس، وهي عذراء مخطوبة ليوسف. وسيأخذ في التاريخ اسم "يسوع المسيح". فاستباقًا لعمل الفداء والخلاص، المدعوّة لتشارك فيه، ولاستحقاقات ابن الله المتجسّد منها، عصمها الله من الخطيئة الأصليّة، فكانت عقيدة الحبل بلا دنس، التي أعلنها الطوباويّ البابا بيوس التاسع في 8 كانون الأوّل/ديسمبر 1854، والتي أكّدتها مريم العذراء، بعد أربع سنوات، في إحدى ظهوراتها للقدّيسة برناديت في لورد سنة 1858، عندما سألتها عن اسمها، فأجابت: "أنا الحبل بلا دنس".

نكمل الشقّ الوطنيّ من عظة البطريرك الراعي في خبرٍ لاحق نظرًا إلى غنى الشقّ الروحيّ التعليميّ منها وتفاديًا للإطالة.