"نعيش في بلد تزداد فيه الظروف صعوبة، لِغياب النوايا الصافية": المطران عبد الساتر
بعد صلاة نصف النهار وزيّاح أيقونة مار شربل في الكنيسة الكبرى، ألقى المونسنيور الأسمر كلمة شكر فيها باسم الجمع الحاضر المطرانَ على أبوّته ورعايته، وتحدّث فيها عن صفاته لافتًا إلى أنّه "لا يطلب شيئًا لنفسه، بل تخلّى وما زال عن حقوقه وامتيازاته، ويسعى دومًا إلى القيام بواجباته تجاه كهنة الأبرشيّة وأبنائها". وتطرّق المونسنيور الأسمر إلى "سهر المطران على المؤسّسات والجماعات والأفراد، واندفاعه إلى خدمة الجميع وتأمين الحاجات الزمنيّة لهم، أكانت متعلّقة بالاستشفاء أو الدواء أو الأقساط أو غيرها".
ثم جاءت كلمة المطران عبد الساتر، قال فيها: "أشكر الله على عطاياه في السنوات الخمس الماضية وأشكره لأنّه سمح لنا جميعًا أن نحاول أن نخدمه وأن نحبّه كما يجب مع هفواتنا كلّها ونجاحاتنا أحيانًا. أشكره على نعمه وعلى إعطائنا دومًا فرصة جديدة لنتعلّم من أخطائنا ونصحّحها لنخدم ونحبّ بأضعاف ونكون أكثر أمانة".
أضاف المطران: "أشكركم جميعًا على حضوركم، كهنة وآباء وإخوة وأخوات أحبّاء. فعندما تجتمع العائلة، تُنتسى الأوجاع والدموع ولا يتذكّر المرء سوى المحبّة، وهذه هي الحال اليوم باجتماعنا كلّنا عائلة واحدة.
نعيش اليوم في بلد تصعب فيه الظروف أكثر فأكثر، ليس فقط بسبب الأزمة الاقتصاديّة أو الخوف من الحرب الشاملة، بل بسبب غياب النوايا الصافية بين الأفراد والجماعات، فكلّ إنسان بات يفسّر كلّ حركة وكلمة وتصرّف كما يحلو له، ويبني مواقفه وعلاقاته وأفكاره بحسب تفسيره ولو كان خاطئًا وبعيدًا عن الواقع. من المهمّ أن نصفّي النوايا تجاه بعضنا البعض، وأن نصدّق من جديد أنّّنا نحبّ بعضنا البعض، وأنّ الإنسان قادر أن يحبّ أخاه الإنسان. من المهمّ أن ننسى الأخطاء المتبادلة وأن نبدأ من جديد مع الأشخاص من حولنا، على مثال ربّنا الذي يبدأ من جديد في كلّ يوم من مسيرة الحبِّ معنا، فنكون شهودًا حقيقيّين له".
تابع المطران عبد الساتر قال: "في السنوات الخمس التي مرّت، وعلى قدر ما ينعم عليّ الربّ في أن أبقى في خدمة أبرشيّة بيروت التي هي بيتي، أعلنتُ وأعلن من جديد أمامكم، ومن خلالكم أمام كلّ أبناء الأبرشيّة، أنّني أنا، المطران بولس عبد الساتر، لا أنوي ولا أطمح إلى تكديس الأموال أو إلى أن أترك ورائي مبالغ طائلة، بل ما يهمّني اليوم، كما في الأمس والغد، أن تُصرف الأموال في المكان الصحيح، فيأخذ كلّ صاحب حقّ حقّه، ونبني الإنسان قبل الحجر.
وأنا، مع السينودس الذي نعيش أكثر فأكثر، أصدّق أنّ الكنيسة ليست فقط الكهنة والرهبان والراهبات، بل هي كلّنا جميعًا، لذا فللعلمانيّين والعلمانيّات دورٌ كبير في أبرشيّتنا ويتحمّلون مسؤوليّات أكثر من قبل. فلا وجود لأبرشيّة من دون مؤمنين ومؤمنات في كنائسها ورعاياها، ولا هيكليّة لأبرشيّة إذا لم يقم كلّ واحد من العلمانيّين والعلمانيّات بعمله في مكانه على أكمل وجه".
أضاف المطران: "أنا أعلن أنّني أريد أن يكون لكم دور أكبر، مع كلّ الاحترام والتقدير واللطافة في التعامل والثقة والإصغاء، وأريد أن تقفوا إلى جانب كهنتكم بشكل أكبر، لأنّ الكاهن الفرحان هو الكاهن المحاط بمجموعة من العلمانيّين والعلمانيّات الذين يساعدونه ويساندونه في خدمته، أكان في رعيّة أو مؤسّسة أو مكتب أو لجنة أو راعويّة.
والسنوات الخمس التي مرّت لم تكن دومًا سهلة لأسباب خارجيّة وداخليّة، والمسؤول الأوّل أي المطران لا يكون في الأوقات كلّها مرتاحًا أو سعيدًا، فهو إنسان كباقي الناس يتألّم ويبكي أحيانًا ويضحك ويفرح أحيانًا أخرى. ولكن، عندما أرى اندفاعكم أنتم الكهنة في رعاياكم وتعبكم ومحبّتكم، وعندما أرى بذلكم لذواتكم أنتم العلمانيّين والعلمانيّات في عائلاتكم وتفانيكم وحماسكم ومحبّتكم وغيرتكم على الكنيسة والأبرشيّة، كلّ ذلك يدفعني إلى الاستمرار وينسيني التعب والألم والهموم"
وختم المطران قال: "فلنشكر الله على نعمه وعلى الصلبان التي يحملها معنا، ونطلب منه أن نلتقي دومًا في مناسبات فرح عائلة واحدة تتبادل الحبّ والمساندة".