الفاتيكان
04 حزيران 2024, 13:00

"نحن مخلوقون للأبديّة": البابا فرنسيس

تيلي لوميار/ نورسات
البابا فرنسيس يكتب توطئة كتاب جديد بعنوان "لعازر، هلمّ خارجا "صدر عن مكتبة النشر الفاتيكانيّة للكاهن اليسوعيّ الأمريكيّ جايمس مارتن. كتب البابا أنّ القارئ يستشفّ في صفحات الكتاب حقيقة آنيّة وخصبة عن المسيحيّة ألا وهي أنّ الإنجيل هو أبديّ وواقعيّ، يتعلّق بحياتنا الداخليّة، كما بالتاريخ وبالحياة اليوميّة، وأكّد أنّ الربّ يسوع لم يتحدّث عن الحياة الأبديّة وحسب إنّما وهبها أيضًا، بحسب ما علّقت "أخبار الفاتيكان".

 

 إستهلّ الأب الأقدس توطئته موجّهًا كلمة شكر إلى المؤلّف،على هذا الكتاب الجديد الذي يسلّط من خلاله الضوء على أعظم معجزة صنعها الربّ يسوع، ألا وهي إقامة لعازر من الموت. ولفت إلى أنّ الأب مارتن يترك الكلمة للنصّ الكتابيّ، ويغوص فيه من خلال دراسة العديد من الكُتّاب الذين قاموا بتحليله بدقّة، وتوقّفوا عند الأبعاد المتنوّعة والتأويلات المختلفة.  

 

أضاف البابا قائلًا: إنّ دراسة النص تتميّز بالمحبّة ولا تقتصر على النواحي العلميّة وحسب، إنّها نظرة شخص يعشق كلمة الله والطريقة التي قصّت فيها أعمال ابنه الله، يسوع المسيح، مذكّرًا القرّاء بأنّ الكتاب المقدّس هو الغذاء الذي نحتاج إليه كلّ يوم، ويمثّل في الوقت عينه "رسالة حبّ" وضعها الله، منذ قرون، بين أيدي بشر كلّ زمان ومكان. لذا فمن الضروريّ أن نحتفظ بكلمة الله، وأن نحملها معنا كلّ يوم، أو أن نبحث عنها على الهاتف الذكي. وهذا الأمر يجعلنا ندرك أنّ الأسفار المقدّسة هي جسم حيّ، كتاب مفتوح، وشهادة نابضة لم تمت وتُدفن على رفوف التاريخ، بل هذه الشهادة تسير معنا على الدوام.    

والحياة المسيحيّة هي تداخل آنيّ دائم بين الأبديّ والحاضر، بين السماء والأرض وبين الإلهيّ والبشريّ.  

ذكّر البابا فرنسيس بأنّ الربّ تجسّد واختار أن يدخل تاريخ الإنسان كي يتحوّل تاريخ البشر إلى ملكوت الله، إلى الزمان والمكان حيث ينبت السلام والرجاء يتحقّق والمحبّة تُحيي.

وأضاف البابا "نحن كلّنا لعازر"، وهذا ما حاول أن يُظهره الأب مارتن انطلاقًا من التقليد الإغناطيّ إذ حاول أن يجعل القارئ يتماهى مع صديق يسوع هذا. فنحن أيضًا أصدقاء الربّ، ونكون أحيانُا "موتى" بسبب الخطيئة، وبسبب عدم أمانتنا، والإحباط. بيد أنّ يسوع لا يخاف من الاقتراب من الخاطئ، حتّى عندما يكون قد أنتن كالشخص الميت منذ ثلاثة أيّام. هو يقف أمام باب قلبنا المنغلق، هذا الباب الذي يُفتح فقط من الداخل والذي نُقفله عندما نعتقد أنّ الله لا يمكن أن يغفر لنا.  

تابع البابا مشيرًا إلى أنْ، عندما نقرأ التحليل المفصّل للأب مارتن، يمكن أن نلمس لمس اليد العمل الذي قام به يسوع مع ميت كان قد أنتن، وهذا ما يرمز إلى التعفّن الداخليّ الذي تولّده الخطيئة في نفوسنا. ويسوع يريد ألّا يضيع أحد، وأن يشعر الجميع بمعانقة الآب المُحبّة.

وتوقّف البابا بعدها عند كاتب الروايات الأمريكي الشهير كورماك ماكارثي وأشار إلى أنّ هذا الأخير تحدّث في أحد كتبه عن "عمل الله"، لمّا جعل إحدى شخصيّاته تقول إنّها تؤمن بالله، لكنّها تشكّ في ادّعاء البشر معرفتهم لفكر الله، لأّنّ الله غير القادر على المغفرة لا يمكن أن يكون الله. وشدّد البابا على أنّ مهنة الله هي المغفرة.

نرى الكثير من الموت في كلّ مكان، بسبب الظلم، والحرب، والعنف، وإساءة استخدام قايين للسلطة تجاه هابيل. لكنّ حياتنا نحن الرجال والنساء آيلة إلى الأبد. لكلٍّ منّا نقطة انطلاق - ولادتنا على هذا الكوكب - لكنّ حياتنا كلّنا تشير إلى اللانهائيّ. هذا صحيح، نحو اللانهاية! ما يسمّيه الكتاب المقدس "الحياة الأبديّة" هي الحياة التي تنتظرنا بعد الموت. إنّها الحياة التي يمكننا لمسها بالفعل هنا والآن، طالما أنّنا لا نسكن في الأنانيّة التي تحزننا ولكن في الحبّ الذي يتّسع، والذي يوسّع قلوبنا. نحن مخلوقون للأبديّة.