لبنان
23 كانون الأول 2024, 12:40

"ليتخلّ الجميع عن أهوائهم ورغباتهم ومصالحهم، ويعملوا بصدق من أجل خلاص البلد": المطران عوده

تيلي لوميار/ نورسات
إحتفل المتروبوليت الياس عوده، راعي أبرشيّة بيروت للروم الأرثوذكس بقدّاس نهار الأحد ٢٢ كانون الأوّل ٢٠٢٤ في كاتدرائيّة القدّيس جاورجيوس في وسط بيروت بحضور شخصيّات وفاعليّات وحشد من المؤمنين.

 

قال المطران عوده أيضًا في عظته بعد الإنجيل المقدّس:  

"يستدعي عيد الميلاد تغيير القلب والعقل، واقتلاع كلّ هوى وكلّ رغبة أنانيّة تبعدنا عن الله. لقد انكشف سرّ الله المتجسّد داخل مغارة بيت لحم، في المحبّة والحرّيّة والتجدّد. أعلن لنا جليًّا أنّ الله معنا على لسان النبيّ القائل: «هوذا العذراء تحبل وتلد ابنًا ويدعون اسمه عمانوئيل الذي تفسيره الله معنا» (مت 1: 23).

دعوتنا اليوم أن نسعى إلى القداسة بلا يأس، بما أنّ المسيح أتى متجسّدًا من نسل بشريّ أعلنه لنا إنجيل اليوم، وهذا النسل يضمّ خطأةً كثيرين تقدّسوا وأصبحوا مثالًا لنا. ليكن العيد الآتي مناسبةً للتحرّر الإراديّ من الخطايا والاقتراب من المسيح.

دعوتنا في هذه الأيّام المباركة هي إلى عيش معنى الميلاد في العمق، إلى التخلّي عن الارتباطات الأرضيّة والمصالح الوقتيّة من أجل نيل المكافآت السماويّة. إنّ الانقطاع عن شركة القداسة مع الخالق، والانفصال عن النعمة الإلهيّة المحيية، هما سبب وجود الشرّ في العالم. بعد معصية آدم قال له الله: «ملعونةٌ الأرض بسببك» (تك 3: 17)، ومنذئذ دخلت البشريّة في «ظلمة الموت وظلاله». هذا هو واقع التاريخ الإنسانيّ، حيث ساد منطق القوّة وبقاء الأقوى، وبات الأقوياء يتحكّمون بمصائر البشر، ظنًّا منهم أنّهم بالقوّة والبطش يستمّرون. لكنّ القوّة والظلم والعناد والحقد والحروب وشرور العالم كلّ لم تخلّص الإنسان من عذاباته، ولم تمنع الموت عنه، ولا الانكسار والخيبة. وحده النور الحقيقيّ يخلّص الإنسان من عبوديّة الشرّ والخطيئة، والانحدار إلى أدنى دركات الضياع والفساد والخطيئة. قال إشعياء النبيّ: «الشعب السالك في الظلمة أبصر نورًا عظيمًا. الجالسون في أرض ظلال الموت أشرق عليهم نورٌ» (9: 2). بميلاد المخلّص شمس العدل أشرقت، وطريق الخلاص فتحت. فلنتخلّ عن إنساننا العتيق المجبول بالخطايا، ونتبع النور الذي لا يزول".

وفي الشقّ الوطني، قال المطران عوده: "أمّا في لبنان فليتخلّ الجميع عن أهوائهم ورغباتهم ومصالحهم، ويعملوا بصدق من أجل خلاص البلد. لا بدّ من أن يتواضع الجميع ويعملوا معًا من أجل الخروج من النفق المظلم حيث الفوضى والتقهقر، إلى سلطة موثوقة، قويّة، عادلة، تحافظ على سيادة لبنان وحرّيته واستقلاله، وعلى مصلحة اللبنانيّين وأمنهم واستقرارهم. يقول بولس الرسول: «لي الحياة هي المسيح، والموت هو ربحٌ» (في 1: 21) ونحن نقول: الموت عن الأنانيّة والمصلحة والاستقواء والتفرّد ربحٌ للوطن. آمين."