لبنان
01 تموز 2024, 06:50

"لا يمكننا أن نصير قدّيسين من دون نعمة الروح القدس": المطران عوده

تيلي لوميار/ نورسات
إحتفل المطران الياس عوده، راعي أبرشيّة بيروت للروم الأرثوذكس بالقدّاس الإلهيّ لنهار الأحد 30 حزيران/يونيو 2024 في كاتدرائيّة القدّيس جاورجيوس في وسط بيروت، في حضور فاعليّات دينيّة ومدنيّة وحشد من المؤمنين.

 

بعد قراءة إنجيل الأحد، ألقى المطران عوده عظة تناول فيها الأمثولة الروحيّة من الاحتفال بعيد جميع القدّيسين.

قال: "أحبّائي، تحتفل الكنيسة بعيد جميع القدّيسين لتعلّمنا أنّ ثمرة الرّوح القدس هي القداسة، وأنْ لا يمكننا أن نصير قدّيسين بلا نعمة الرّوح القدس. ونحن، في تقويمنا الكنسيّ، نعيّد يوميًّا لتذكار قدّيسين وشهداء وأبرار..."

قال المطران عوده أيضًا: "القداسة ليست «حالة فريدة» أو وضعًا استثنائيًّا أو غير طبيعيّ، وليست أفعالًا نسكيّة خاصّة، بل هي حالة كلّ نفس اتّحدت بالروح القدس وقبلت العمل بمشيئته. حالة الاتّحاد هذه في متناول كلّ إنسان نال سرّ المعموديّة المقدّس، وختْم موهبة الروح القدس من خلال مسحة الميرون المقدّس. الدعوة إلى القداسة موجّهةٌ إلى الجميع...تلبية هذه الدعوة أو رفضها منوطان بحرّيّة الإنسان الشخصيّة".

أكمل المطران عوده قال: "عاش القدّيسون حياة ملؤها المحبّة الكاملة والطاعة للربّ يسوع، حافظين وصاياه الإلهيّة ومتمّمين ما قاله الإنجيليّ متّى: «كلّ من يعترف بي قدّام الناس أعترف أنا أيضًا به قدّام أبي الذي في السماوات» (10: 32). حياة القدّيس، هي حياة شهادة للإله الذي اتّخذ إنسانيّنا ما عدا الخطيئة... (رؤ20: 4)".  

أضاف المطران قائلًا: "ما من أحد يولد قدّيسًا، بل يتقدّس من خلال السماح لنعمة الروح القدس وقوّته بأن تقودا حياته وتحوّلاها ليصير مثالًا للتقوى والبرّ...(1تي 6: 11-12)".

وقال: "لم يكن القدّيسون أشخاصًا خارقين كأبطال الميثولوجيا، بل كانوا كما نحن اليوم. هم يتشاركون معنا الطبيعة البشريّة ذاتها بضعفاتها وزلّاتها وشهواتها، لكنّهم أدركوا أنّ قبولهم لعطيّة الروح القدس تحتّم عليهم عيش حياة التقوى والبرّ والأمانة، لتكون حياتهم شهادة واضحة لفعل الروح القدس فيهم... لقد سمع القدّيسون كلام الربّ، وكانوا شهودًا له بالفعل، لا بالكلام. اليوم، أين نحن الذين نسمع الكلام عينه: «كلّ من يعترف بي قدّام الناس أعترف أنا أيضًا به قدّام أبي الذي في السماوات» (مت10: 32)؟ هل نعترف بالربّ علانية؟ هل نعطي، من خلال سلوكنا وطريقة عيشنا، شهادة اعتراف حيّة بأنّنا أبناء الله، وبأنّه ربّنا ومخلّصنا وسيّد حياتنا؟ هذه الشهادة تتطلّب أن نحمل صليبنا ونكفر بذواتنا ونتبع الربّ حيث يدعونا، تاركين كلّ مصلحة ومنفعة، طائعين مشيئته، عاملين بوصاياه".

أضاف المطران عوده: "يقول أحد اللاهوتيّين: «إعلم أنّ الحياة الأبديّة تبدأ بالمعموديّة وممارسة العبادة كلّها ومعرفة الإنجيل. القضيّة كلّها هي أوّلًا أن تحبّ الله، وثانيًا أن تكون علاقتك مع النّاس جميعًا ضمن إرضائك لله. هذه هي القداسة التي تعيشها يوميًّا وأنت في بيتك ومكان عملك، وفي علاقاتك الاجتماعيّة. ويعدك المسيح، إذا قمت بذلك، بأن تكون من الأوّلين عنده".

تابع المطران عوده: "إذا كان ربّنا وخالقنا يحترم حرّيّتنا ويترك لنا الخيار في قبول نعمته أو رفضها، فما بال الإنسان يتحكّم بأخيه الإنسان، ويفرض عليه رأيه ونمط عيشه وطريقة تفكيره، رافضًا احترام حرّيّة أخيه والقبول باختلافه عنه في الرأي والموقف؟ لو شاء ربّنا لخلقنا متشابهين...وما علينا إلًا قبول عطايا الله".

فيما نعيّد اليوم لجميع القدّيسين، علينا أن نتذكّر أنّ ثمر الروح القدس هو «محبّةٌ، فرحٌ، سلامٌ، طول أناة، صلاحٌ، إيمانٌ، وداعةٌ، تعفّفٌ» (غلا 5: 22). لذا، نعلن إيماننا بالربّ خالق السماء والأرض، وبمخلّصنا يسوع المسيح، إله السلام، وبروحه القدوس المعزّي الذي يقودنا في طريق الإيمان والمحبّة ونرفع الصلاة من أجل السلام في العالم أجمع، وفي الجنوب اللبنانيّ وغزّة الجريحة بشكل خاصّ..."، "إنّ ما يحصل يوميًّا من عنف وتدمير، يندى له الجبين، وحدها الصلاة بقلوب نقيّة تستطيع أن تخرج منطقتنا من أتون النار. أمين".