لبنان
11 تموز 2024, 07:15

"كونوا منارات بالمحبّة والعلم والنزاهة والحكمة والاحترام والقيادة المتواضعة": المطران عوده

تيلي لوميار/ نورسات
إحتفلت المدارس التابعة لأبرشيّة بيروت للروم الأرثوذكس: الثّلاثة الأقمار، زهرة الإحسان، البشارة الأرثوذكسيّة، ثانويّة السيّدة الأرثوذكسيّة، بتخريج دفعة العام 2023-2024 من تلامذتها في باحة مدرسة البشارة الأرثوذكسيّة – الرميل، بحضور المطران الياس عوده ورعايته، وبحضور الهيئتين التربويّة والإداريّة في المدارس المذكورة وذوي المتخرّجين وعددٍ من النوّاب والكهنة وأعضاء اتّحاد المؤسّسات التربويّة الخاصّة في لبنان.

 

بدأ الاحتفال بكلمة لإيفا ماريا بطش مسعود، مديرة مدرسة الثلاثة الأقمار باسم مديرات المدارس، قالت فيها للخرّيجين: "... لكلّ طريق نهاية، ولكلّ نهاية بداية، والإيمانُ بالهدف، والمثابرةُ لتحقيقه هو دربُ الوصول إلى قمم النجاح في ختام مشوار سنوات، في مدارس بيروت الأرثوذكسيّة، غايتُها بناءُ جيل جديد يعي رسالة الثقافة والعلم، وشعارُها صيانةُ الخُلْق الحميد وتنْميته في نفوس الناشئة، بما أنّ العلْم في مفهومنا التربويّ وسيلةٌ، أمّا الأخلاقُ فهي الغايةُ النهائيّة"...

ثمّ كانت كلمة للمتروبوليت الياس كلمة وجّهها إلى المتخرّجين، قال:  

"أهمّيّة العلم والمعرفة والثقافة لا تحدّ، لذا يحاربها الجهّال. جاء المسيح إلى هذه الأرض لكي ينيرنا، ويخرجنا من الظلمة والعبوديّة إلى النور والحرّيّة الحقيقيّة. يقول النبيّ أشعياء: «الشعب السالك في الظلمة، أبصر نورًا عظيمًا. الجالسون في أرض ظلال الموت أشرق عليهم نور» (9: 2). وفيما جاء المسيح متجسّدا، وعلّم ومات وقام وصعد إلى السماوات وأرسل لنا الروح القدس المعزّي والمرشد إلى الحقّ، يعمل عالمنا عكس الإرادة الإلهيّة، جارًّا البشر، والشباب على وجه الخصوص، إلى عبوديّة مقنّعة تسلب الوقت والعقل والنظر والصحّة وتدمّر الأخلاق أو ما تبقّى منها. هذه العبوديّة تتجسّد في ما يسمّى وسائل التواصل الاجتماعيّ فيما هي حقًّا وسائل تباعد لأنّها تقيّد الإنسان بشاشة صغيرة تبعده عن التواصل مع عائلته، والتفاعل مع محيطه، وقد تؤدّي به إلى الهاوية. وقد شهدنا عصابات رقميّة دمّرت حياة أفراد وعائلات، وصولًا إلى الانتحار".

أضاف المطران عوده: "هذا لا يعني أنّ التكنولوجيا مضرّة كلّها، لكنّ الحرّيّة التي منحَنا إيّاها الله تقتضي فكرًا نقديًّا، وعقلًا يميّز الخير من الشرّ، فيختار الخير لينشره، وهذه رسالتكم، أيّها الطلّاب الأعزّاء، الذين تنطلقون اليوم إلى عالم غير ورديّ، لأنّ الإنسان أدخل إليه سوادًا لطّخ الجمال الذي خلقه الله عليه. مهمّتكم، كطلّاب لمدارس أرثوذكسيّة، أن تنشروا استقامة الرأي أينما حللتم. إسمحوا لله أن يعمل من خلالكم، ليستعيد عالمُنا بريقه وألوانه الحقيقيّة التي لم يشوّهها الشرّ. دعوا الروح القدس الإلهيّ يرشدكم إلى كلّ عمل صالح، ولا تيأسوا إذا واجهتكم العراقيل لأنّ ظلام الشرّ لا يدوم، والنور يفضح الظلمة، وقد قال لنا ربّنا: «أنتم نور العالم» (متّ 5: 14)، و«النور يضيء في الظلمة» (يو 1: 5). ردّدوا دومًا قول النبيّ داود: «الله نوري وخلاصي فممّن أخاف؟ الربّ عاضد حياتي فممّن أجزع؟» (مز 27: 1)".

أوصى المطران عوده الخرّيجين قائلًا: "وصيّتي لكم اليوم، في تخرّجكم من المدرسة، وبدء مسيرتكم الجامعيّة، ألّا تقوموا بعمل مجبَرين، بل أحبّوا ما تفعلونه. عندما تكونون مرغمين على أمر لا يمكنكم تلوين العالم، بل تزدادون سوادًا تبثّونه في مجتمعكم. أحبّوا اختصاصاتكم وحاولوا أن تجعلوها أداة للخير والعطاء، ومتى امتلأت قلوبكم محبّة، زال من نفوسكم حبّ الوصول على حساب الآخر، وحبّ الغنى ولو بإفقار الآخر، وحبّ الظهور على حساب كرامة الآخر، وكلّ حبّ زائف في الدنيا. أحبّوا كما أحبّكم الربّ، أي أبذلوا ذواتكم في سبيل الآخر المحتاج إلى محبّتكم وحضوركم وخبرتكم. تذكّروا قول النبيّ أشعياء: «تعلّموا فعل الخير، أطلبوا الحقّ، أنصفوا المظلوم، أقضوا لليتيم، حاموا عن الأرملة» (1: 17)، وإذا شعرتم يومًا بأنّ الظلم يكثر حولكم، تذكّروا قول الكتاب: «إن رأيت ظلم الفقير ونزع الحقّ والعدل في البلاد، فلا ترتع من الأمر، لأنّ فوق العالي عاليًا يلاحظ، والأعلى فوقهما» (الجامعة 5: 8)". كونوا منارات بالمحبّة والعلم والنزاهة والحكمة ومحبّة الوطن واحترام العائلة وقيادة المجتمع. فكونوا على قدر المسؤوليّة الملقاة على عاتقكم، ولا تنسوا مدرستكم بل كونوا رسلًا لها حيثما حللتم. اليوم تجتازون الخطوة الأولى في طريق الحياة التي لن تكون واسعة ومزهرة، بل ملأى بالتحدّيات. بعلمكم ومثابرتكم وتصميمكم على القيام بدوركم تتخطّون الصعاب وتنالون الجزاء الحسن".