لبنان
29 تموز 2024, 12:00

"كمال المحبّة ليس في حفظ الوصايا إنّما في اتّباع المسيح والإيمان به": المطران عوده

تيلي لوميار/ نورسات
إحتفل المطران الياس عوده، راعي أبرشيّة بيروت للروم الأرثوذكس بالقدّاس الإلهيّ لنهار الأحد 28 تمّوز/يوليو ٢٠٢٤ في كاتدرائيّة القدّيس جاورجيوس في وسط بيروت، بحضور فاعليّات دينيّة ومدنيّة وحشد من المؤمنين.

 

أشار المطران عوده، في عظته هذا الأحد، إلى نصّ (رو10: 1-10) وفيه يميّز الرسول بين برّ الله أو البرّ الذي بالإيمان (10: 3، 6) وبين البرّ الذي بالناموس (10: 5)، ويخلص إلى أنّ المطلوب هو البرّ الذي بالإيمان، الذي يقودنا إلى الخلاص.

"كلمة برّ هي ترجمةٌ لكلمةٍ عبريّةٍ معناها عدلٌ، إستقامةٌ، إنصافٌ، صدقٌ، بالتالي هي مرتبطةٌ بالقضاء. البار هو من تعلن براءته إذا حوكم، ويكون الحكم في الكتاب المقدّس على أساس القانون الذي يضعه الله، أي الوصايا. فلكي يكون الإنسان بارًّا، عليه أن يحفظ وصايا الله ويعمل بها "أن تحبّ الربّ إلهك وتسلك في طرقه وتحفظ وصاياه وفرائضه وأحكامه لكي تحيا وتنمو ويباركك الربّ إلهك" (تث30: 16)".

 

أضاف المطران: "لقد وضع الله وصاياه وفرائضه لكي يحيا كلّ من يعمل بها. " أنا الربّ إلهكم، فتحفظون فرائضي وأحكامي التي إذا فعلها الإنسان يحيا بها، أنا الرّبّ" (لا 18: 5). إلّا أنّ شعب الله في الكتاب المقدّس لم يستطع أن يطبّقها كلّها، لذلك لم يستطع أن ينال برّ الناموس. إعتقد هذا الشعب أنّه بقدرته وبجهده الخاصّ يستطيع الحصول على البرّ، ولم يفهم أنّ المطلوب هو محبّة الله والثقة الكاملة فيه. لذلك، استعاض عن الوصايا بالطقوس التي يمارسها في الشعائر الدينيّة، وبالأصوام والأفعال الخارجيّة التي يفرضها الناموس معتقدًا خطأً أنّه، إذا طبّقها، يكون بارًّا، وكلّنا نعلم أنّ الفرّيسيّ الذي وقف يصلّي بتكبّرٍ، معدّدًا أعماله التي يظنّ أنّها تبرّره، ومزدريًا بالآخرين (لو 18: 11-12)، لم يرجع إلى بيته مبرّرًا لأنّ الله لا تهمّه الأشياء الظاهريّة بل يطلب المحبّة: محبّة الإنسان لله ولأخيه الإنسان، وهذا ما علّمه الربّ يسوع قائلًا: «تحبّ الربّ إلهك من كلّ قلبك ومن كلّ نفسك ومن كلّ فكرك. هذه هي الوصيّة الأولى والعظمى، والثانية مثلها: تحبّ قريبك كنفسك. بهاتين الوصيّتين يتعلّق الناموس كلّه والأنبياء» (مت 22: 36-40).

هذه المحبّة تقتضي إيمانًا بالله، أي أن يضع الإنسان ثقته بالله وحده، ويقرّ بتواضعٍ أنّه غير قادرٍ، بمجهوده الخاصّ، أن يطبّق وصيّة المحبّة، ويسأله أن يكون حاضرًا في حياته،  فالوصيّة لا تعود مجرّد كلماتٍ مكتوبةٍ على ورقٍ، إنّما تصبح كلماتٍ محفورةً في قلب الإنسان، ترافقه أينما ذهب ومهما فعل. "الكلمة قريبةٌ منك في فمك وفي قلبك، أي كلمة الإيمان التي نكرز بها" (رو10: 8)، الإيمان بالربّ يسوع المسيح الذي أقامه الله من الأموات (10: 9)، والذي نقل لنا وصايا الله الآب وحقّقها في حياته وأظهر نفسه مثالًا يحتذى وطريقًا علينا أن نسلكه".

أضاف المطران: "ليس مطلوبًا منّا شعاراتٌ ومظاهر خدّاعةٌ، ولا التعلّق بحرفيّة الناموس من دون فهم معناه. المطلوب قلبٌ صادقٌ رحومٌ ومتواضعٌ. «لأنّك إن اعترفت بفمك بالربّ يسوع وآمنت بقلبك أنّ الله قد أقامه من بين الأموات فإنّك تخلص». كمال المحبّة ليس في حفظ الوصايا إنّما بتطبيقها، باتّباع المسيح والإيمان به والعمل بوصاياه. هذا هو البرّ الذي من الإيمان. عندها ينتشلنا الربّ بنعمته من كلّ شرٍّ وخطرٍ وينجّينا من كلّ تجربة".  

أردف المطران: "كم ينقص هذا البلد أبرارٌ يحكمونه بالعدل والاستقامة والإنصاف والصدق! أسبوعٌ يفصلنا عن ذكرى فاجعةٍ مسّت كلّ بيتٍ بيروتيٍّ وما زلنا ننتظر كشف الحقيقة وإحقاق العدالة... كم يلزمنا أبرارٌ يقفون في وجه الظلم والتسلّط واستباحة البلد ودستوره، وفي وجه تفتيت الدولة وتفريغ مؤسّساتها، وفي طليعتها رئاسة الجمهورية، عوض العمل على انتشالها من تحت ركام الفساد والغبن".  

ختم المطران عوده كلمته بالقول: "دعوة اليوم موجّهةٌ إلى كلّ إنسانٍ، ألّا يبتعد عن برّ الله، وأن يتصرّف على حسب الصورة والمثال الإلهيّين اللذين خلق عليهما، آمين".