سوريا
24 أيلول 2024, 09:00

"قنبلة الفقر في سورية تقتل الأمل": الكاردينال ماريو زيناري

تيلي لوميار/ نورسات
إحتفل الكاردينال ماريو زيناري، السفير البابويّ في دمشق بالقدّاس الإلهيّ في كنيسة "مريم الممتلئة نعمة" في إيطاليا حيث كان يخدم كشمّاس، عاونه بعض من الآباء الدارسين في روما، بحضور حشد من أبناء الجالية العربيّة، وفق "فاتيكان نيوز عربيّة".

 

بعد قراءة الإنجيل ألقى الكاردينال كلمة تعليميّة وفيها وصف للرعيّة، المعاناة الهائلة التي تعيشها أمّة أنهكها أكثر من عقد من الحرب.

وقال: "الشعب السوريّ منهك. إنّهم يكافحون من أجل رؤية نور المستقبل". تتحدّث الأرقام عن واقع مأساويّ: فقد 500 ألف إنسان حياتهم، وتشرّد أكثر من 7 ملايين شخص داخل البلاد، وأُجبر أكثر من 5 ملايين شخص على الفرار إلى البلدان المجاورة. وبحسب أرقام الأمم المتّحدة، يحتاج 16.7 مليون سوريّ إلى مساعدات إنسانيّة عاجلة، ويواجه ما يقرب من 13 مليون شخص انعدام الأمن الغذائيّ الشديد".

أشار الكاردينال إلى أنّ ثقل هذه الصليب في سورية يكاد يستحيل تصوّره.  

واستعاد ذكريات مؤلمة من السنوات الماضية، وخصوصًا صورة أكثر من مليون سوريّ يسيرون وسط المطر والثلوج، هاربين من العنف بما يمكنهم حمله فقط - "درب الصليب الممتدّ إلى أميال". ثمّ شارك ذكرى مؤلمة أخرى: يوم الجمعة العظيمة في حمص، عندما انهالت القنابل على المدينة. ووسط الدمار، سأل أحد الكهنة الأب ميشيل عن المكان الذي يجب أن يعدّ فيه القدّاس، بما أنْ حتّى الكنائس كانت في حالة دمار. "أمره الأب ميشيل بأخذ حبل طويل، وتطويق الأحياء المدمّرة، ووضع لافتة في الوسط مكتوب عليها "الجلجثة". وأكّد الكاردينال، أنّ هذا "الحبل يمتدّ اليوم إلى ما هو أبعد من حمص، ويمتدّ إلى أميال عبر الشرق الأوسط بأكمله".

 

وفي تأمّله، مع الحاضرين، وصف زيناري دمارًا جديدًا وخبيثًا: الفقر.

قال: "لقد شهدت الدمار والموت والأطفال المبتورين والمعاناة الساحقة على مدى سنوات الصراع المكثّف. ولكن الآن، انفجرت قنبلة مختلفة - قنبلة الفقر، التي لا تترك مجالًا للأمل". وأكّد أنّ العقوبات الدوليّة المفروضة على النظام السوريّ حملت آثارًا كارثيّة على السكّان. وأشار إلى أن "في خلال الحرب، كان هناك على الأقلّ نور. أمّا الآن، فإنّ البلاد تغرق في الظلام بسبب انقطاع التيّار الكهربائيّ". ويتفاقم نقص الأدوية والغذاء والضروريّات الأساسيّة بسبب الاقتصاد الراكد ونظام التعليم المتوقف.

لقد دفع هذا الوضع العديد من السوريّين إلى الفرار، حيث أمسى  الفقر لا يطاق. "اليوم، يكسب الطبيب 20 يورو فقط في الشهر"، كما لاحظ الكاردينال. "يدرس الناس عندما يستطيعون، لكنّ عقولهم مصمّمة على المغادرة". في هذا المشهد الأليم، تبقى الكنيسة على الخطوط الأماميّة، وتقدّم المساعدة والراحة، وتشارك في الجهود الدبلوماسيّة لعكس انحدار البلاد إلى معاناة أعمق.  

تقدّر الأمم المتّحدة أنّ حوالى 500 شخص يغادرون سورية كلّ يوم بحثًا عن حياة أفضل.

نداء الكاردينال زيناري يتجاوز حدود سورية. هو صرخة لا يمكن أن تمرّ من دون أن تدوّي في عالم مزّقته الصراعات. لا بدّ من أن يكون بناء عالم من السلام والتضامن والأخوّة - عالم حيث تكون الكرامة الإنسانيّة في قلب الجهود السياسيّة، هو أولويّتنا. لا يمكن للمجتمع العالميّ أن يدير ظهره لسورية. لا يمكننا أن نبقى غير مبالين بينما يموت المهاجرون في البحار، ولا يمكننا أن نقبل استمرار الدكتاتوريّات والحروب. كلّ واحد منّا، ضمن مناطق تأثيره، مدعوّ إلى بناء مسارات الحوار واللقاء والسلام.