"قصّتنا قصّة الشهادة، قصّة التضحيات": البطريرك يونان
عاون البطريرك مار غريغوريوس بطرس ملكي، النائب البطريركيّ السابق في القدس والأراضي المقدّسة والأردن، وهو من عائلة الطوباويّ، والمونسنيور حبيب مراد، القيّم البطريركيّ العامّ وأمين سرّ البطريركيّة، والشمامسة، بحضور جمع من المؤمنين، من بينهم أشخاصٌ من إرساليّة العائلة المقدّسة للمهجَّرين العراقيّين في لبنان، وبعض من أفراد عائلة الطوباويّ. خدمت القدّاس جوقة إرساليّة العائلة المقدّسة.
بعد الإنجيل المقدّس، ألقى البطريرك عظة بعنوان "من يصبر إلى المنتهى، فهذا يخلص".
قال البطريرك يونان: "الطوباويّ المطران الشهيد مار فلابيانوس ميخائيل ملكي الذي نحتفل اليوم بعيده، هو رئيس أساقفة جزيرة ابن عمر، الموجودة اليوم في أقصى جنوب شرق تركيا، وتُدعى كيزري، وهي مدينة على نهر دجلة، قريبة من حدود العراق وشمال سورية.
قصّتنا قصّة الشهادة، قصّة التضحيات، ونحن نعرفها جيّدًا ونعيشها، ولا تزالون تعيشونها، أكان في العراق أو في سورية، واليوم أيضًا في لبنان، ونعرف كيف وكم تحمّل المسيحيّون على مدى القرون، قديمًا أو حديثًا، من أجل الربّ يسوع. من بين هؤلاء الطوباويّ الشهيد، الذي استطعنا أن نقيم كنسيًّا حفلَ تطويبه في 29 آب/أغسطس 2015، بعد أن طلبنا شخصيًّا من قداسة البابا فرنسيس أن يسرع الكرسي الرسوليّ بإعلان تطويبه كي نتمكّن من الاحتفال بهذه الذكرى الأليمة، ذكرى مئة سنة على مذابح الإبادة بحقّ شعبنا "سيفو"، حيث تمّ قتل المسيحيّين وتهجيرهم واضطهادهم منذ مئة وتسع سنوات اليوم".
تابع البطريرك يونان: "كان الطوباويّ الشهيد تلميذ دير الشرفة، وكان المثلَّث الرحمات البطريرك مار إغناطيوس أفرام الثاني رحماني قد رسمه مطرانًا في كاتدرائيّة مار جرجس هنا في بيروت، مع المثلَّث الرحمات البطريرك الكردينال مار إغناطيوس جبرائيل الأوّل تبّوني سنة 1913، وقد اعتدنا على إقامة هذه الذكرى المباركة سنويًّا، ذكرى التطويب وعيد الطوباويّ الجديد، في 29 آب من كلّ عام".
المطران الشهيد مار فلابيانوس ميخائيل هو مثال للمسيحيّين كلّهم الذين جُرِّبوا واضطُهِدوا وقُتِلوا وطُرِدوا في تلك السنوات المخيفة والمجرمة، من سنة 1915 وما بعد، وهو ليس وحده، بل هناك الكثيرون من الشهداء والشهيدات الذين سفكوا دماءهم من أجل الربّ يسوع. لكن، حين قدّم أسلافنا البطاركة قضيّة تطويب المطران الشهيد، كانت نيّتهم أيضًا أن يذكروا الجميع، ونحن نذكر شهداءنا جميعهم، أكانوا آباءً أوأمهّاتٍ، أجدادًا أو جدّاتٍ، وكذلك نذكر أهلنا وأقرباءنا الذين قدّموا دماءهم من أجل الربّ يسوع، نذكرهم جميعًا ونعتبرهم ونؤكّد أنّهم شهداء وشهيدات ينعمون بإكليل المجد مع الربّ في ملكوته".
أكّد غبطته أنّ "الربّ يسوع علّمنا، كما سمعنا من الإنجيل المقدّس: من يصبر إلى المنتهى فهذا يخلص، فنحن لسنا فقط أولئك الناس الذين يبكون على الأطلال ويتذكّرون الماضي، إنّما علينا أن ننظر إلى المستقبل على الدوام، وأن نعطي الرجاء الذي يمنحنا إيّاه الربّ إلى أولادنا وشبابنا، مهما كانت ظروف الحياة، ومهما طالت سنوات الانتظار والعذاب والتجارب العديدة، خصوصًا في هذه الظروف العصيبة".
وشدّد غبطته على أنّنا "سنبقى شعب الرجاء، وسنعيش هذا الرجاء بإيمان وصبر، لأنّ الربّ يسوع لم يَعِدْنا بالسير بين الورود، بل ذكَّرَنا بأنّ الطريق الذي يؤدّي إلى الملكوت هو طريق صعب، وأنّ الباب ضيّق. لذا علينا أن نطلب القوّة والقدرة على الاحتمال من أبينا السماويّ، كي نتابع مسيرتنا على الأرض، أمناء على الدوام للربّ يسوع وللكنيسة، ومحبّين بعضنا بعضًا. وجميعنا نعلم كم هي مضرّةٌ وسائل التواصل الاجتماعيّ اليوم، بشكل خاصّ بالصغار والشباب، وحتّى بالكبار. فالربّ يسوع يدعونا إلى أن نترفّع عن أمور هذه الدنيا، ونشهد له بمحبّتنا، لأنّ المسيحيّين الأوائل عُرِفُوا أنّهم تلاميذ الربّ يسوع بمحبّتهم بعضهم بعضًا".
وختم البطريرك ضارعًا: "إلى الربّ يسوع، بكر الشهداء، كي يقوّينا، بشفاعة أمّه وأمّنا مريم العذراء، سلطانة الشهداء، فنقتدي بالطوباويّ المطران الشهيد مار فلابيانوس ميخائيل، كي ننعم باللقاء السعيد في السماء، أبناءً وبناتٍ لأبينا السماويّ، مع العذراء والقدّيسين والشهداء".