"عيلة جميع القدّيسين" من لبنان إلى بولندا للتبرّك من القدّيس كولبيه
وفي عظته، لفت إلى أنّنا نحن أيضاً نشهد أعمالاً مشابهة لما حصل على عهد النازيّين الذي لا يميّز بين إنسان وآخر، ففي حين مارس الزعيم النازي هتلر أبشع أنواع العذابات وأشكالِ الموتِ التي وإن اختلفَ شكلُها يبقى مضمونُها واحداً وهو قتل الإنسان، بأفظع الطرق التي ليست ببعيدة عن التي نشهدها اليوم في الحروب الشرق أوسطية، وأشار بكلامه إلى أنّ القديس كولبيه اشتهر في أعماله التي اكتسبت طابعاً عالمياً لنشر تكريم والدة الإله مريم العذراء، طوّبه وقدّسه البابا القديس يوحنا بولس الثاني.
وذكّر أنّه وُلِدَ في بولونيا في العام 1910، وكان يدعى رايموند كولبيه، تميّز بطاقات فجّرها منذ الصغر، كما بحبّ المعرفة.
في الثالثة عشرة من عمره، دخلَ دير القديس فرنسيس، واتّخذ اسم ماكسيميليان. سيمَ كاهناً وقَدِمَ من روسيا إلى كراكوفيا وعلّم اللاهوت في مدرسة رهبنة الفرنسيسكان الديرية، ونظّم آنذاك مع مجموعة من الرهبان جمعية أخوية فرسان الحبل بلا دنس، فعملوا كثيراً لمواجهة كلّ التحديات، وإذ بمكسيميليان يحلم يوماً بصنع شيء بالغ الأهمية، ألا وهو طباعة الكتب المقدّسة والمجلات الروحية، لنشر تكريم مريم العذراء الفائقة القداسة.
وفي يوم، تبرّع له رجل مجهول دون علمه السبب بمبلغ كبير، فحقّق حلمه وأسّس مجلة فارس الحبل بلا دنس الشهرية. بعدها بنى مدينة ثانية لمريم العذراء بالقرب من ناغازاكي في اليابان. لينتقل فيما بعد إلى الهند بعد إصابته بمرض السلّ. وبعد العلاج، عاد إلى بولونيا برئتين مهترئتين لم يسلم منها إلا ربع رئة، إلا أنّ ذلك لم يمنعه من إكمال الرسالة.
وإبّان الحرب العالمية الثانية، خسر القديس مكسيميليان كولبيه منظّمته الكاثوليكية الأبرز للنشر في بولونيا، على يد آلة التدمير الشامل للنازيين، لكنّه احتمل هذا الأمر الأليم، بإيمان ورجاء. ولم يسلم هو حتى من الأشغال الشاقّة التي فُرِضَت على الجميع من دون استثناء، فكان سجيناً في معسكر أوشفيتز للموت، فزرع الإيمان في نفوس المعتقلين معه. وعشية عيد انتقال السيدة العذراء في العام 1941، صدر حكم على رب ّعائلة بالموت، لكن مكسيميليان قدّم ذاته ذبيحة على مذبح الربّ وطلب منهم أن يموت هو بدلاً عنه، وبذلك قدّم شهادة حية لإيمانه المسيحي، وفضّل معاينة وجه المسيح المخلّص. وبعد قتله أحرقوا جثمانه، ورموَه كغبارٍ، وبذلك يُعتبر القدّيس مكسيميليان كولبيه، موجوداً في شتّى أنحاء العالم، ليضحّيَ بنفسِه فداءً عن الاخر، ومحبّةً بالمسيح، مقدّماً شهادةً مسيحية لا تثمّن.
كما كان أوّل من سعى لإيصال البشارة عبر الكلمة والراديو، ولولا اندلاع الحرب العالمية الثانية، لكان أطلق محطة تلفزيونية، علماً أنّه كان يشدّد على إظهار المسيحي للمثل الحيّ والصالح في حياته ليكون مبشّراً ورسولاً للرّحمة .