لبنان
19 آب 2024, 06:50

"علينا أن نطلب الله ونكون معه": المطران عوده

تيلي لوميار/ نورسات
إحتفل المطران الياس عوده، راعي أبرشيّة بيروت للروم الأرثوذكس بالقدّاس الإلهيّ لنهار الأحد ١٨ آب/أغسطس ٢٠٢٤ في كاتدرائيّة القدّيس جاورجيوس في وسط بيروت، بحضور فاعليّات دينيّة ومدنيّة وحشد من المؤمنين.

 

ألقى المطران عوده، بعد قراءة إنجيل الأحد عن حادثة إكثار الخبز والسمك وإشباع الجموع، كلمة تعليميّة قال: "بدأ الربّ كرازته، بحسب الإنجيليّ متّى، مباشرة بعد تجربة إبليس له. نجده بعد ذلك واعظًا على الجبل، ثمّ نقرأ عن معجزاته وعن دعوته لبعض تلاميذه، وإرساله إيّاهم للبشارة. ثمّ تبدأ مواجهته لفساد الفرّيسيّين والكتبة، وتآمرُهم على قتله، وصولًا إلى اتّباع الشعب يسوع والبحث عنه لسماعه وطلب الشفاء لمرضاهم".

تابع المطران عوده كلامه: "طلب الربّ يسوع من تلاميذه أن يطعموا الجموع عوض صرفهم...ربّما كان طلب إطعامهم غريبًا بالنسبة إلى تلاميذه لأنّهم لم يعتادوا على مثل هذه الطلب ولم يكونوا جاهزين، فأجابوه أنّ ما لديهم لا يكفي، لأنْ معهم خمسة أرغفة وسمكتان فقط... حينئذ، طلب منهم الربّ أن يقدّموا له الخبز والسمك، وطلب من الجموع أن يتّكئوا على العشب، وأن يتحضّروا للطعام. توقّع التّلاميذ أن يصرف الربّ الجموع، لكنّه أمرهم أن يستعدّوا للأكل. حينئذ «أخذ الأرغفة الخمسة والسمكتين ورفع نظره إلى السماء وبارك وكسر وأعطى الأرغفة للتلاميذ والتلاميذ للجموع. فأكل الجميع وشبعوا» (مت 14: 19-20)".

أضاف المطران: "حدث إشباع الجموع هو أحد الأحداث التي ترد عند الإنجيليّين الأربعة (مت 14؛ مر 6؛ لو 9؛ يو 6). تقدّم لنا الكنيسة، عبر قراءة هذا المقطع الإنجيليّ، دروسًا عدّة.

الدرس الأوّل: من يكون مع الربّ يجب ألّا يقلق إزاء أيّ شيء (مز 55: 22). الربّ يعرف ما نحن بحاجة إليه (لو 12: 29-31). علينا أن نطلب ملكوت الله، أي أن نكون معه، وعندما نكون معه بكلّيّتنا يعطينا ما نحتاج إليه حتّى من دون أن نسأل.

الدرس الثاني: الذي تقدّمه لنا الكنيسة هو أنّ الربّ كريم بما يفوق قدرتنا على الفهم، «أكل الجميع وشبعوا، ثمّ رفعوا ما فضل من الكسر اثنتي عشرة قفّة مملوءة» (مت 14: 20). من يثبت مع الربّ، ينال أكثر ممّا يحتاج وليس فقط حاجته كما في (خر 16: 17-18)..."وكلّ ما كان يفضل من المنّ إلى اليوم التالي كان ينتن"، في العهد الجديد، كلّ ما فضل قد تمّ رفعه ليكون بركة للآكلين.

الدرس الثالث: الكمّيّة القليلة من الخبز والسمك التي قدّمها التلاميذ مقابل الكمّيّة العظيمة التي خلقها الربّ يسوع. كأنّ الربّ يقول لنا إنّنا مهما ظننّا أنّ ما نملكه من عطاياه قليل هو عظيم ويستطيع أن يكون مادّة لفعل المستحيل. علينا فقط أن نسمع كلامه ونؤمن به".

أضاف المطران قال: "تذكّرنا الكنيسة، من خلال هذا المقطع الإنجيليّ، أنّ علينا أن نطلب الله ونكون معه. إذا طلبنا المعجزات، فهو الذي يجترحها، وإذا طلبنا حكمة وتعليمًا فإنّ الحكمة من لدنه. حتّى ولو كان طلبنا طعامًا وشرابًا، فكلّ شيء من خيره. لذلك على أبناء هذا البلد أن يضعوا رجاءهم على الربّ وأن يثقوا أنّه قادر على كلّ شيء (لو 19: 27). بلدنا لن ينجو من محنته بقدرة قادته بل بمشيئة الله الذي يعمل من خلالهم إن أتاحوا له ذلك. لذا على هؤلاء القادة، أن يتوكّلوا على الله ويعتنقوا المحبّة والتواضع والصدق والأمانة واحترام الآخر، وأن يتحلّقوا حول فكرة الدولة ويعملوا على بنائها واضعين نصب أعينهم خير لبنان وخلاصه، والربّ القادر على كلّ شيء يوفقهم ويمنحهم سؤل قلبهم. فلنتّكل على الربّ في كلّ شيء، وهو يدبّر لنا الأفضل، آمين".