العالم
10 أيلول 2024, 13:30

"على الكاهن أن يكون خادم شفقة وعلامة لرحمة الله": البابا فرنسيس

تيلي لوميار/ نورسات
إلتقى البابا فرنسيس في كاتدرائيّة ديلي، عاصمة تيمور الشرقيّة الأساقفة والكهنة والشمامسة والمكرّسين والمكرّسات والإكليركيّين وملقّني التعليم المسيحيّ، بحسب "فاتيكان نيوز".

 

أعرب الأب الأقدس عن سعادته لوجوده مع الأساقفة والكهنة والشمامسة والمكرّسين والمكرّسات والإكليركيّين وملقّني التعليم المسيحيّ في تيمور الشرقيّة كحاجّ في الشرق كما ذكر، ثمّ شكر المطران نوربرتو دي أمارال، رئيس مجلس أساقفة تيمور الشرقيّة وأسقف ماليانا على كلمته التي ذكَّر فيها بكون تيمور الشرقيّة في أقاصي العالم.

قال البابا فرنسيس إنّه يريد إضافة أنّ كون هذا البلد في أقاصي العالم يجعله في مركز الإنجيل، وذلك لأنْ، في قلب المسيح، الضواحي الوجوديّة هي في المركز.

وشدّد البابا على ضرورة تعلَّم هذه المفارقة حسبما ذكر أي أنّ الحدود في الإنجيل هي المركز وأنّ الكنيسة التي لا تقدر على بلوغ الحدود هي كنيسة مريضة جدًّا. ولفت قداسته الأنظار إلى أنّ الإنجيل يمتلئ بأشخاص من الهوامش والحدود، إلّا أّن يسوع يدعوهم فيجعلهم أبطال الرجاء الذي جاء ليحمله.

أضاف البابا قائلًا: "إنّنا في حاجة دائما إلى العودة إلى أصل العطيّة التي نلنا، أي كونِنا مسيحيّين، كهنة، رهبانًا أو ملقّني التعليم المسيحيّ. وقال إنّنا تقبّلنا حياة الله نفسها من خلال ابنه يسوع الذي مات من أجلنا ووهبنا الروح القدس.  

تابع البابا مذكّرًا بأن في هذه الأرض ينمو بوفرة خشب الصندل ذو الرائحة المحبّبة، والذي ذكره الكتاب المقدّس حين زارت ملكة سبأ الملك سليمان وأعطته خشب الصندل (مل ١٠، ١٢)، فقال لسامعيه: "أنتم طيب الإنجيل في هذا البلد، وكشجرة صندل خضراء وقويّة، تنمو وتعطي ثمارًا، أنتم أيضًا تلاميذ مرسلون يحملون رائحة الروح القدس الطيّبة لتنتشي بها حياة شعب الله المؤمن".

كما شدّد الأب الأقدس على ضرورة أن نحفظ المحبّة التي عطَّر بها الربّ حياتنا، وذلك كي لا تفقد هذه المحبّة عبْقها.  

أكمل البابا كلامه قائلًا: "نحن ننظر بشكر إلى التاريخ الذي سبقنا، إلى البذرة التي زرعها هنا الإرساليّون"...وأشار في هذا السياق إلى مدارس التكوين. "إلّا أنّ هذا لا يكفي"، تابع البابا، "بل علينا دائمًا أن نغذّي شعلة الإيمان".  

ثمّ، دعا البابا الحضور إلى عدم التقاعس عن التعمّق في عقيدة الإنجيل وعن النضج في التكوين الروحيّ واللاهوتيّ وفي ما يتعلّق بالتعليم المسيحيّ، وذلك لأنّ هذا كلّه "ضروريّ من أجل إعلان الإنجيل في ثقافتكم، وفي الوقت عينه، من أجل تنقيتها من أشكال وتقاليد بالية".

شدّد البابا فرنسيس بالتالي على لزوم انثقاف الوعظ بالإيمان في الثقافة المحلّيّة، مشيرًا إلى إعلان الإنجيل في الثقافة. "هناك الكثير من الأشياء الجميلة في ثقافة هذا البلد إلّا أن هذا كلّه يجب أن يُنَقّى في ضوء الإنجيل وعقيدة الكنيسة، وإنّ كلّ ثقافة أو مجموعة اجتماعيّة هي في حاجة إلى تطهير ونضج".

وأكّد الأب الأقدس أيضًا أنّنا مدعوّون إلى أن نحمل إلى الآخرين عطر الحياة، حياة الإنجيل الجديدة، كما فعلت مريم التي كسرت قارورة الطيب عند قدميْ يسوع (متّى 26: 8).  

تابع البابا أن البشارة تحدث حين تكون لدينا الشجاعة لكسر القارورة التي تحتوي الطيب، كسر الغلاف الذي غالبًا ما يغلقنا على ذواتنا، الشجاعة للخروج من تديّن كسول، مريح، يعاش فقط انطلاقًا من احتياج شخصيّ.

وتابع البابا قائلا للحضور إنّ بلدهم المتجذّر في تاريخ مسيحيّ طويل، هو في حاجة إلى انطلاق متجدّد للبشارة كي يصل إلى الجميع عطر الإنجيل، عطر مصالحة وسلام عقب سنوات أليمة من الحرب، عطر شفقة يساعد الفقراء على النهوض مجدّدًا ويُحْيي الالتزام من أجل انتعاش اقتصاديّ واجتماعيّ للبلاد، عطر عدالة ضدّ الفساد. ومن الضروريّ بشكل خاصّ، حسبما واصل البابا فرنسيس، نشر عطر الإنجيل ضدّ كلّ ما يهين الحياة البشريّة، بل ويدمّرها أحيانًا، ضدّ تلك الآفات التي تخلق فراغًا داخليًّا ومعاناة مثل إدمان الكحول والعنف وعدم احترام النساء... وشدّد على أنّ إنجيل يسوع له القوّة لتغيير هذا الواقع المظلم ولخلق مجتمع جديد.

ونظرًا إلى الحاجة إلى هزّة الإنجيل هذه فهناك حاجة إلى كهنة ورهبان وملقّني تعليم مسيحي شغوفين ومؤهّلين ومبدعين، ووجّه  البابا دعوة إلى الكهنة كي لا يتكبّروا على الشعب، "فأنتم من الشعب،  وقد كبرتم مع الشعب".

ختم البابا كلمته مشدّدًا على ضرورة عدم نسيان أنّ الكهنوت خدمة. وعدم نسيان أنّ الطيب هو كي ندهن به قدمَي يسوع أي أقدام أخوتنا في الإيمان بدءًا من الفقراء. على الكاهن دائمًا أن يكون خادم شفقة وعلامة لرحمة الله، ودليل هذا هو الكاهن الفقير، "أحبّوا فقركم كأنّه عروسكم. ولا ينتابكم  الإحباط أمام المصاعب، فالله يرافقنا، لِندعه يرافقنا من خلال روح الفقر والخدمة".