"صباح"... بين الولادة الأولى والثّانية
اليوم في ذكرى مولد صباح، يستيقظ فينا توق إلى زمن الكبار، زمن غرّد فيه الفولكلور اللّبنانيّ عاليًا في سماء الوطن مخترقًا بأصوات عمالقته جدار الصّوت حاطًّا بقامة أصحابها على أشهر المسارح العالميّة.
اليوم، كم يتلهّف المستمعون إلى موّال يسافر بهم من ضجيج المدن "عالضّيعة"، ويقف بهم في هياكل بعلبك وقصر بيت الدّين وعلى ميناء جبيل.. وينسيهم هموم الحياة الثّقيلة بـ"دلعها" المحبّب، ويعيد إلى "موسم العزّ" جيلا افتخر بمعاصرته لـ"ستّ الكلّ" الّتي تألّقت بصوتها وبطلّتها، فعاشت بينهم كـ"الأسطورة"، وجعلت أيّامهم "شهر عسل" لا ينتهي بـ"ساعات ساعات" بل ينساب حلاوة لا تنتهي كانسياب "الشّلّال" في مجراه.
اليوم، كم نشتاق إلى الـ"مرحبتين" من حنجرة فنّانة كانت ولا تزال في ذاكرتنا "زيّ القمر".
كم نشتاق أن نغنّي الوطن ونردّد معها "دخل ترابك يا لبنان" و"تعلا وتتعمّر يا دار" و"تسلم يا عسكر لبنان"...
كم نشتاق لـ"عالروزانا" و"يا هويدلك" و"يا ميجانا" و"يا بو الزّلف" من روح ابنة الجبل.
اليوم، "منّا لروح "حلوة لبنان" "زقفة يا شباب"، ولتبقَ ذكرى من أحبّت الحياة بكلّ آلامها وصعوباتها حتّى النّفس الأخير ذكرى فرح عامر، ولتبقَ "شمس الشّموس" تلك "القلعة" الرّاسخة في ذاكرة الفنّ والشّمس الشّارقة في كلّ صباحاته المجيدة.