"شهادات القدّيسين منارةً لنا، تقودنا إلى شواطئ النعمة": الأبّاتي رزق
بعد الإنجيل المقدَّس توجّه الأبّاتي رزق بكلمةٍ تعليميّةٍ قال فيها: "كلّ عيدٍ يأتي بأبهةٍ عظيمة ويجلب معه شهادةً بشريّةً جديدةً، تؤكّد لنا أنّ الربّ إلهنا حيٌّ هو، وفاعلٌ هو، وعظيمٌ هو في حياتنا! هذا ما آمن به القدّيسون وشهدوا له، وكانت شهاداتهم منارةً لنا، لتقودنا إلى شواطئ النعمة. أغريبٌ أن يأتي عيد القدّيس ضومط بعد عيد تجلّي الربّ؟ أقول هذا: إنّ عيد تجلّي الربّ يقودنا إلى حياة كلّ قدّيس، لأنّ الربّ لم يتجلّ فقط كعلامة جبروتٍ إلهيّ ليشهد له التلاميذ، إنّما تجلّى أمامهم وفي حياتهم، كمبدأ وأساس للحياة البشريّة الصالحة التي تهدف إلى الملكوت السماويّ وتسعى إليه!
واليوم، في عيد قدّيسنا الشهيد، مار ضومط، شفيع هذا الدير، نتوقّف أوّلًا عند الرسالة إلى تيمثاوس، وفيها يتكلّم بولس على دعوة الربّ له، على الرغم من إساءته للربّ وكيف تحوّل عند إدراك هذه الدعوة ومدى حبّ الله له، ولهذا ائتمنه يسوع المسيح على البشارة لخلاص النفوس. هكذا تنطلق سيرة القداسة في حياة كلّ إنسان. هذا ما صار تمامًا في حياة القدّيس ضومط الذي كان مضطهِدًا للكنيسة، فأصبح شهيدًا من شهدائها الكبار، وقدّيسًا مثالًا في الإيمان والعمل والشهادة للملكوت".
تابع الأبّاتي رزق قال: "إنّ اللقاء بالربّ، يغيّرنا من عمق أعماقنا، يحوّلنا عن مسار الاهتمام بالدنيويّات إلى مسار الحبّ وبذل الذات، فتتجذّر كلمات الإنجيل فينا، وتحمينا من الاهتمام بالدنيويّات، لأنّ الربّ يعتني بنا ويقيتنا ويلبسنا ويسهر على حاجاتنا ... إنْ قبِلنا عنايته ووثقنا به!...
أكمل الأبّاتي: "إخوتي الأحبّاء، أردت اليوم، بتأمّلي الصغير أن أشجّعكم على التسليم الكلّيّ للربّ، على فتح نافذة الرجاء في حياتكم ودعوة الربّ ليتجلّى فيها. لا تخافوا ممّا تسمعون، والأخبار التي يتمّ تناقلها، والحروب التي تعلن...الربّ قادرٌ على كلّ شيء، قادرٌ أن يحوّل القلوب القاسية إلى ينابيع محبّة وخدمة.
إنّ هذه الحياة جميلةٌ بكلّ ما فيها، والربّ الذي أعطانا إيّاها، هو يكفيها، وقد علّمنا الصلاة "أعطنا خبزنا كفاف يومنا"، لأنّ عطاءاته تغنينا وتروينا وتحيينا!"
أضاف الآباتي رزق: "في زماننا الحاضر، قد يصعب علينا ألّا نهتمّ بحياتنا المادّيّة والاجتماعيّة وحال بلادنا وأمورٍ كثيرة تقلقنا... ولكنّ هذه الأمور تقلق أيّ إنسانٍ عاديّ، أمّا نحن الذين تعمّدنا بالمسيح، سنتشدّد به وبعنايته، وإذا أردنا أن نكون مثالًا في الإيمان، لن نقلق إلّا في سبيل الملكوت. فيسوع يطمئننا " اطلبوا أوّلًا ملكوت الله ومشيئته، فيزيدكم الله هذا كلّه. لا يهمّكم أمر الغد، فالغد يهتمّ بنفسه. ولكلّ يوم من المتاعب ما يكفيه".
ختم الأبّاتي رزق عظته قائلًا: "إن أردنا القداسة، فعلينا ألّا نخاف من دعوة الله لنا، وأن لا نعطي أمور الدنيا اهتمامًا أكبر من أمور الملكوت!...إنّ السلام الذي نرجوه، يبدأ بتسليمنا ذواتنا وعائلاتنا بكلّ ثقةٍ إلى العناية الإلهيّة. وإن وصلنا إلى هذا السلام، ستتراجع فينا أمور كثيرة: كالخوف والأنانيّة، والحزن، والحسد، ستلغى فينا مشاعر الكره والحقد ... وسنفرح على الرغم من مآسينا... وهكذا يبدأ الملكوت ونتذوّقه في قلوبنا! هكذا عاش القدّيس ضومط، فكان مستعدًّا لخسارة كلّ شيء ما عدا نفسه في سبيل ملكوت الله".