"دعوتنا أن نشهد مثل السامريّة أنّ المسيح هو الإله الحيّ، الذي عنده وحده، ماء الحياة الأبديّة": المطران عوده
أبرز ما جاء في هذه العظة:
"إنجيل اليوم هو حوار دار بين المسيح والمرأة السامريّة أمام بئر قديمة حفرتْ في القفر زمن يعقوب أبي الآباء. لكنّ ماءها لم يطفئْ العطش لأنّ «منْ يشرب من هذا الماء يعطش» (يو 4: 13).
هذا اللقاء يمثّل لقاء العالم أجمع، مع الإله الحيّ. الإنسانيّة الظمأى تطلب الماء الوقتيّ عساها ترتوي، والإله الحيّ يمنحها الماء الحيّ، الذي يروي عطشها إلى الأبد.
هنا، يعلن المسيح نفسه، أنّه هو البئر الجديدة الممنوحة للبشريّة، التي تفيض بالماء الحيّ الواهب الحياة الأبديّة.
في إنجيل اليوم دلالة كبرى، وهي الإعلان عن قرب انطلاقة كنيسة المسيح، وتأْسيس العهد الجديد في العنصرة."
"تدْعونا الكنيسة، مجدّدا،" تابع المطران عوده، "إلى ينبوع الماء الحيّ، إلى أنْ ننظر إلى أعماق هذه البئر الفائقة كلّ إدراك وقياس، ليتمكّن كلّ منّا أنْ يستقي ماء الحياة بما يوافق حاجته وحاجة مجتمعه، إلى المسيح الذي وحده يحيي نفوسنا وأجسادنا.
أزمة إنسانيّتنا اليوم أنّ الإنسان بطبعه كائن يعطش إلى الله، لكنّ الخطيئة، حينما تسود، تحجب الشوق الأصيل فيه إلى الارتواء من النعمة الإلهيّة، فيضيّع هدفه، وينسى غاية وجوده، أي أنْ يصير ابنًا لله. يحيد عن مسيرة الاتّحاد بخالقه، وهذا الانفصال الروحيّ عن مبدأ الحياة ينعكس على علاقة الإنسان مع ربّه، التي، إنْ وجدتْ، تقتصر على لون خارجيّ من التديّن والعبادات العقيمة، التي لا تروي ظمأ صاحبها ولا تؤهّله لخدمة قريبه وإرواء عطشه."
أضاف المطران: "بعد نقاش طويل مع يسوع أدركتْ السامريّة أنّها أمام كائن مختلف، «فتركتْ جرّتها ومضتْ إلى المدينة وقالتْ للناس: تعالوا انظروا إنسانًا قال لي كلّ ما فعلْت. ألعلّ هذا هو المسيح». لم تردْ فقط خلاص نفسها بل أرادتْ خلاص الجميع حوْلها. مشكلتنا في لبنان أنّ كلّ زعيم أو مسؤول، وكلّ حزب أو جماعة، وكلّ إنسان لا يطلب إلاّ ما لنفسه، وما يناسب مصلحته ...وأن يتصرّف القادر هكذا، فهو يستأهل اللوم لأنّ القدْوة تأتي منْ فوق، من الأكبر والأقوى والأقدر. نحن بحاجة إلى نفوس كبيرة تتولّى السلطة والقيادة وترسي ثقافة البناء والعطاء...حتّى تُبنى الدولة وترسّخ قواعد الديمقراطيّة وصلابة المؤسّسات."
أضاف المطران: "ها نحن أمام تعطيل لانتخاب رئيس، ما يساهم في تفكّك السلطة وتحلّل الدولة. وما يفاقم الوضع تقاعس السلطة عن البحث الجدّي عنْ حلّ للمشاكل العديدة التي تنغّص حياة اللبنانيّين، ليس أقلّها الحرب التي يتحمّل نتائجها اللبنانيّون من دون موافقتهم عليها، وتردّي الأخلاق، والفوضى التي تعمّ قطاع التربية، وتساهم في تدنّي مستوى التعليم...
اللبنانيّون، مسؤوليّن ومواطنيّن، ارتكبوا ويرتكبون أخطاء كثيرة في حقّ وطنهم، لكنّ الوضع لم يعدْ يُحتمل وعلى الجميع تدارك الأمر. أمّا النوّاب فعلى عاتقهم مسؤولية تاريخيّة في تطبيق الدستور على الصدق والأمانة وابتغاء الخير العامّ..."
"دعوتنا اليوم"، ختم المطران عوده، "أن نشهد مثل المرأة السامريّة أنّ المسيح هو الإله الحيّ، وأنّ عنده، هو وحده، ماء الحياة الأبديّة والرحمة العظمى، وأنْ نكثّف طلبنا للماء الحيّ، لكي تبقى حياتنا مليئة بنعمة الروح القدس، فننقل المحبّة والفرح إلى كلّ من يلتقينا ويعرفنا. آمين".