لبنان
30 نيسان 2018, 14:00

آباء المجمع الأنطاكيّ المقدّس يدعون أبناءهم إلى عدم التّخاذل في ممارسة واجبهم الانتخابيّ وتحكيم ضميرهم

إنعقد المجمع الأنطاكيّ المقدّس برئاسة البطريرك يوحنّا العاشر (يازجي) في دورته العادّيّة التّاسعة ودورته الاستثنائيّة العاشرة من السّادس والعشرين وحتى الثّلاثين من نيسان/ إبريل 2018 في البلمند وذلك بحضور كل من المطارنة: جورج (أبرشيّة جبيل والبترون وما يليهما)، الياس (أبرشيّة بيروت وتوابعها)، الياس (أبرشيّة صيدا وصور وتوابعهما)، سرجيوس (أبرشيّة سانتياغو وتشيلي)، دمسكينوس (أبرشيّة ساو باولو وسائر البرازيل)، سابا (أبرشيّة حوران وجبل العرب)، جورج (أبرشيّة حمص وتوابعها)، سلوان (أبرشيّة بوينس آيرس وسائر الأرجنتين)، باسيليوس (أبرشيّة عكّار وتوابعها)، أفرام (أبرشيّة طرابلس والكورة وتوابعهما)، إغناطيوس (أبرشيّة فرنسا وأوروبا الغربيّة والجنوبيّة)، اسحق (أبرشيّة ألمانيا وأوروبا الوسطى)، جوزيف (أبرشيّة نيويورك وسائر أميركا الشّماليّة)، غطّاس (أبرشيّة بغداد والكويت وتوابعهما)، ، أنطونيوس (أبرشيّة زحلة وبعلبك وتوابعهما)، نقولا (أبرشيّة حماه وتوابعها)، باسيليوس (أبرشيّة أستراليا ونيوزيلاندا والفيلبين) وإغناطيوس (أبرشيّة المكسيك وفنزويلا وأمريكا الوسطى وجزر الكاريبي). وحضر الأسقف أفرام معلولي أمين سرّ المجمع المقدّس وكاتب المجمع الإيكونوموس جورج ديماس. واعتذر عن الحضور المطران سلوان (أبرشيّة الجزر البريطانيّة وإيرلندا). وقد حضر المطران بولس (أبرشيّة حلب والاسكندرون وتوابعهما)، المغيّب بفعل الأسر، في صلوات آباء المجمع وأدعيتهم.

 

وبعد الصّلاة واستدعاء الرّوح القدس في غمرة موسم الفصح العظيم المقدّس، افتتحت أعمال المجمع واستمطر الآباء رحمات الله تعالى على نفس المثلّث الرّحمة المطران يوحنا منصور (متروبوليت اللاذقية وتوابعها) سائلين الرّبّ القدير أن يرتّب نفسه في مظال القدّيسين. قبل الآباء رسميًّا الاستقالة المقدّمة من المطران جورج خضر متروبوليت جبل لبنان الذي حضر الجلسة الافتتاحيّة للمجمع مقدّرين أتعابه الجمّة في خدمة الكنيسة لأكثر من نصف قرن. انتخب الآباء الأسقف أثناسيوس فهد متروبوليتًا لأبرشيّة اللّاذقيّة وتوابعها وقرروا استثنائيًّا وتدبيريًّا نقل المطران سلوان (الأرجنتين) ليصبح متروبوليتًا على أبرشيّة جبيل والبترون وما يليهما.
تدارس الآباء عددًا من القضايا الكنسيّة التي تلامس حياة المؤمنين اليوميّة واستمعوا إلى تقارير قدّمها المطارنة باسيليوس (أستراليا) وإغناطيوس (المكسيك) وذلك بعد استلامهما مهامهما الرّعائيّة وإلى تقرير قدّمه المطران غطّاس (بغداد والكويت) عن واقع وهواجس العمل الرّعائيّ في الأبرشيّة. وناقش الآباء سبل تفعيل عمل مجالس الرّعايا للنّهوض بواقعها وتحفيز العمل الرّعائيّ ومسألة معيشة الكاهن وقضيّة الأديار وتنظيم الحياة الرّهبانيّة في ظلّ قراءة شاملة لواقع وحاجة الأبرشيّات كما ناقشوا فكرة تبنّي خطّة مشتركة للإغاثة ومسألة إدارة الأوقاف والأطر التّنظيميّة لتنمية الطّاقات والموارد الاقتصاديّة بالشّكل الأمثل وأحالوها للجانٍ لمزيد من التّمحيص والتّشاور لتكون على جدول أعمال الدّورة المجمعيّة القادمة. 
توقف آباء المجمع، عند التّطورات التي يشهدها العالم الأرثوذكسيّ، حيث يتم تأجيج الخلافات والصّراعات القوميّة والعرقيّة ويجري السّعي لتغيير الحدود القانونيّة للبطريركيّات والكنائس المستقلّة، الأمر الذي اختبرته الكنيسة الأنطاكيّة وما زالت تعاني منه بسبب تعدّي البطريركيّة الأورشليميّة على حدودها القانونيّة وإنشاء ما يسمّى أبرشيّة لها في قطر. وهي تدعو في هذا المجال إلى العودة إلى مبدأ إجماع الكنائس المستقلّة في اتّخاذ القرارات المصيريّة. وهو مبدأ لطالما ساهم في تجنيب العالم الارثوذكسيّ المزيد من التفتت والانقسامات.
يواكب الآباء بصلواتهم وأدعيتهم التّحضير للانتخابات النّيابيّة اللّبنانيّة. ويدعون أبناءهم إلى عدم التّخاذل في ممارسة واجبهم الانتخابيّ. ويحثّونهم على تحكيم ضميرهم، وانتخاب ممثّيلهم في النّدوة البرلمانيّة أشخاصًا يتمتّعون بالاستقلاليّة والنّزاهة والكفاءة، يحبّون لبنان ويخلصون لقضاياه ويعلون المصلحة الوطنيّة على مصالحهم الشّخصيّة ويكونون قادرين على خدمة هذا الوطن وصيانة استقلاله والمحافظة على القيم الوطنيّة وعلى فرادة هذا البلد ورسالته. ويصلّي الآباء، لكي تكون هذه الانتخابات منعطفًا يقود إلى تدعيم الاستقرار في البلاد وانتظام عمل المؤسّسات فيها وإلى فتح ورشة إصلاحيّة لتمكين المواطنين وترقيتهم اجتماعيًّا واقتصاديًّا.
يصلّي آباء المجمع من أجل أن يعمّ السّلام في جميع أنحاء سوريا، ومن أجل أن يتمكّن هذا البلد بهمّة جميع أبنائه المخلصين من النّهوض من الدّمار الذي سبّبته الحرب الظّالمة والأعمال الإرهابيّة عليه وعلى شعبه. ويدعو آباء المجمع إخوتهم جميعًا في سوريا لكي يعملوا على التّهيئة للسّلام الذي يتطلب في حدّه الأدنى وقفًا كليًّا لإطلاق النّار وتعهّدًا بالإمساك عن سفك الدّماء على كامل التّراب السّوري، ووضع حدٍّ للخطف وإعادة جميع المخطوفين، وعودة النّازحين والمهجرين الى ديارهم. وفي هذا المجال يشدّد الآباء أن السّلام المرجوّ يتطلّب أيضًا تغييرا في الذّهنيّة يبدأ بالاعتراف بأهميّة لقاء الوجه مع الوجه الآخر ببساطة ومن دون شروط مسبقة، ويمرّ بصحوة الضّمائر وبإخلاصها للوطن فقط، وبقبول الآخر المختلف واحترام هواجسه ومخاوفه، وكل ذلك ضمن عمليّة سياسيّة شفّافة ترتكز إلى الحوار الصّادق والفعّال وتسمح للشّعب السّوريّ مجتمعًا بأن يقرّر خلالها مستقبل سوريا التي يريد بحرّيّة ومسؤوليّة واستقلاليّة ضمن ثوابت الوحدة الوطنيّة ووحدة التّراب السّوريّ بكامله والحفاظ على مؤسّسات الدّولة.
ولمرور خمسة أعوام على اختطاف المطرانين بولس (يازجي) ويوحنّا (ابراهيم) مطرانيّ حلب، يعيد آباء المجمع الأنطاكيّ شجبهم لهذه الجريمة المخزية التي تعتبر حربًا على الحضرة الإنسانيّة. وهم يكرّرون نداءهم إلى جميع الخيّرين في هذا العالم من أجل العمل على إطلاقهما ووضع نهايةٍ لهذا الملفّ الذي يعكس صورةً لما يتعرّض له إنسان هذا المشرق من خطف وعنف وإرهاب وتهجير. ويشدّدون، أنّه إذا كان الهدف من وراء خطف المطرانين هو إلغاء الإشعاع المسيحيّ في سوريا والشّرق وتخويف المسيحيّين فإنّ هذا الإشعاع سيبقى ويزداد ألقاً بنعمة الله وبصلوات المغيّبين الحاضرين أبدًا في صلوات الكنيسة.
يعبّر آباء المجمع عن تضامنهم مع الشّعب الفلسطينيّ المعذّب ويندّدون بالمجازر التي ترتكبها سلطات الاحتلال الاسرائيليّ بحق المواطنين العزّل والأطفال. وفيما خصّ قضية القدس الشّريف عبّر الآباء عن موقفهم الثّابت أنّ القدس تبقى في ذهن وضمير المسيحيّين والمسلمين محجةً إلى رحمانيّة الله وتبقى عصيّةً على كلّ مؤامرة وتزييف للتّاريخ. وهي عاصمةٌ لفلسطين وللشّعب الفلسطينيّ وقبلة أنظار المشرقيّين من كلّ الأطياف.
يصلّي آباء المجمع من أجل العراق ومن أجل كلّ الشّرق بكل بلدانه ويرفعون صلواتهم كي يديم الرّبّ رحمته وسلامه على كلّ الشّعوب ويفتح كلّ إنسان قلبه ليقتبل سلام الله.
يعبّر الآباء عن محبّتهم لأبنائهم المتواجدين في الوطن وفي بلاد الانتشار والذين يحافظون على إرث كنيستهم وأوطانهم أينما حلّوا. ويتوجهون إليهم، في موسم الفصح المجيد، بالسّلام القلبيّ والتّحيّة الفصحيّة: المسيح قام. سائلين ربّ القيامة أن يباركهم جميعًا.
ويخاطب آباء المجمع المقدّس أبناءهم في أبرشيّة الأرجنتين المحروسة من الله، التي شاء الله أن يختار ملاكها لرعاية رعيّة المسيح في أبرشيّة جبل لبنان، بعد خدمة مباركة قضاها بينهم دامت أكثر من عشر سنوات. وهم يعدّونهم كما هو دأبهم بأن يختاروا لهم راعيًا يرعاهم كما رعاهم المطران سلوان بحنان الأب ويسهر مثله على نموّهم بالرّبّ وعلى تنشئتهم على كلمة الله ويقودهم بتفانٍ إلى موارد الخلاص. وهم يصلّون من أجلهم لكي يثبتوا في إيمانهم ويطلبون منهم أن يحملوا المطران سلوان في صلواتهم لكي يشدّده الله في الخدمة الجديدة التي اختاره آباء المجمع الأنطاكيّ المقدّس لها بإلهام من الرّوح القدس لبنيان كنيسته.
ختامًا، يتضرّع آباء المجمع إلى المسيح الإله المنتصر على الموت أن يهب العالم السّلام ويمسح عن عيون المتألّمين والمعذبّين كلّ دمعة ويثبّت كنيسته المنتشرة في أنحاء المعمورة ويجنّبها الاضطرابات والقلاقل والانشقاقات ويبلسم القلوب بسلامه الحقّ، هو المبارك إلى الأبد آمين."