سوريا
28 أيار 2024, 07:30

"بارك الله طلّابنا ليكونوا مستنيرين قلبًا وعقلًا بنور سَناه": البطريرك يوحنا العاشر

تيلي لوميار/ نورسات
زار البطريرك يوحنّا العاشر، بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق للروم الأرثوذكس مدينة اللاذقيّة التي دعاه إليها المتروبوليت أثناسيوسن لنوال أبرشيّته بركته البطريركيّة في عددٍ من الأحداث الراعويّة البارزة. منها، تكريس كاتدرائيّة القدّيس جاورجيوس، وتدشينه، ومنها أيضًا الاحتفال باليوبيل الماسيّ لمدرسة الكلّيّة في المدينة.

 

شارك البطريرك يوحنّا العاشر، في مناسبة مرور خمسةٍ وسبعين عامًا على المدرسة الكلّيّة وكانت له كلمة قال فيها: "منذ خمسةٍ وسبعين عامًا شاءت اللاذقيّة أن تكون لها منارةٌ للعلم فكانت هذه الدار وما زالت صرحًا يشعُّ على الجميع حاملاً إرث كنيسة أنطاكية وتراث الروم الأرثوذكس الروحيّ والتعليميّ والحضاريّ في تبنّي العلم والمعرفة سبيلًا للنهوض بالمجتمع بمكوّناته وألوانه الطائفيّة كلّها.

في سالف الأيّام، كانت وزارة التربية تسمّى "وزارة المعارف" أو "دائرة المعارف". ومن الملاحظ أنّ تغيير الاسم يحمل في طيّاته رسالةً، ورسالةً جوهريّةً وهامّةً وهي أنّ تقديم المعرفة والعلم شيءٌ هامٌّ، لكنّ الأهمّ والأسمى والأكمل هو تقديم هذا العلم وهذه المعرفة ضمن عمليّةٍ تربويّةٍ هدفها الأوّل والأخير بناء الإنسان وتربيته على القيم الأسمى."

تابع البطريرك يوحنّا كلمته، قال: "صرنا في زمنٍ كثرَ فيه التعليم وقلت فيه التلمذة، في زمنٍ تُمتطى فيه الحرّيّة المقدّسة لضرب أسس الحياة كلّها، زمنٍ تُضرب فيه المؤسّسة التعليميّة بما يسمّى زيفًا "الذكاء الاصطناعيّ". وهو الأبعد عن الذكاء والأقرب إلى "التخدير المبرمَج للعقل" والاتّكال على ذكاء مزيّف والاكتفاء به.  

صرنا في زمنٍ فُقد فيه الشعر وفَقدت فيه العلوم الأدبيّة قيمتها. زمن تُضربُ فيه العائلة في أساسها وتُنسف فيه القيم والبديهيّات تحت ستار الحرّيّة المتسترة بالرغبة والشهوة. ومن هنا تنبع ضرورة سهرِنا على قيمٍ ومبادئَ من حقّنا لا بل من واجبنا ككنيسة وكمجتمع وكمدرسة أن نسهر على غرسها في أبنائنا. قيمٍ نتقاسمها مع سائر الأديان ونتقاسمها مع الفطرة الإنسانيّة التي زرعها الله في كلّ منّا."

"نقول هذا"، أردف البطريرك، "لنضع نصب أعيننا عظم المسؤوليّة الملقاة على عاتق المؤسّسة التعليميّة بشكل عامّ. فكيف إذا كانت هذه المؤسّسة تستقي تعليمها من إنجيل المسيح.

ومن خبرة كنيسة أنطاكية مع التعليم، يحلو لنا أن نطلّ اليوم في عيد الكلّيّة الخامس والسبعين، لنقول إنّ كنيسة أنطاكية استشعرت ومنذ البدء أهمّيّة العمليّة التربويّة التعليميّة فأسّست مدارسها التي استظلّت بالأديار والكنائس."

ثمّ أردف البطريرك قائلًا: "هذا رأس مالنا، نحن الروم الأرثوذكس. وهذا ما يلخّص دور كنيسة أنطاكية وجهدها في تلك الأزمنة التي بحثت فيها عن العلم بالسراج وبالقنديل. لقد تحسّست كنيسة أنطاكية أهمّيّة التعليم فكانت آسية دمشق وغسّانية حمص وغيرها من المطرانيّات. وكانت مدرسة البلمند وكانت مدرسة مار جرجس الحميراء في عشرينيّات القرن الماضي. وكانت أيضًا المدارس الموسكوبيّة على عهد روسيا القيصريّة. هذا كلّه إنْ دلَّ على شيء فإنمّا على إرادةٍ مستميتةٍ للاغتذاء بالحرف يوم كان الاغتذاء بالطعام تحدّيًا

بوركت جهودكم أيّها الإخوة القائمون على هذه الكلّيّة وبورك هذا الصرح منارةً نريدها دائمًا مشتعلة، مستنيرةً ومنيرةً، مستنيرةً من تعليم إنجيلنا ومنيرةً من هذا التعليم كلّ نفسٍ تائقةٍ إلى العلم."  

ختم البطريرك يوحنّا العاشر كلمته، قل: "بوركت جهودكم أخينا المطران أثناسيوس و جهود المشرفين على هذا الصرح وسائر الكادر التعليميّ والإداريّ مع العاملين فيها جميعهم وطلّابنا الأعزّاء بارك الله وأجزل عليهم من عطاياه السماويّة ليكونوا مستنيرين قلبًا وعقلًا بنور سَناه له المجد إلى الأبد، آمين."