"انتقال العذراء إلى السماء ثمرة قيامة المسيح وعلامةُ رجاء لنا": المطران إدوارد
بعد الإنجيل، ألقى المطران ضاهر عظة خصّص الجزء الأوّل منها للشكر، ثمّ توجّه إلى المسؤولين السياسيّين داعيًا إيّاهم إلى تحمّل مسؤوليّاتهم تجاه المواطنين والتحلّق حول المؤسّسات الدستوريّة والعسكريّة والأمنيّة، وإلى انتخاب رئيس للبلاد.
ثمّ، انتقل إلى الجزء الروحيّ من كلمته حول حدث انتقال مريم العذراء بالنفس والجسد إلى السماء، وقال: "احتفلنا بعيد رقاد العذراء والدة الإله الفائقة القداسة والدائمة البتوليّة مريم وانتقالها إلى السماء، شفيعة لبنان....نلتقي اليوم، في عودةٍ إلى الذات وفي رجعةٍ إلى كلمة الربّ التي تُحيي وتملأ القلوب. يتحدّث الكتاب المقدّس مرارًا عن اتّحاد وثيق بين العذراء مريم وابنها الإلهيّ، وهي شاركتْه في كلِ شيء، من الحبل به حتّى الصليب فالقيامة. لذا كرّمها وحفِظها من فساد الموت. أمّا آباء الكنيسة، فقد أكّدوا، منذ القرن الثاني، أنّ مريم العذراء حُفِظت من فساد القبر، ورُفِعت بالجسد والنفس إلى المجد في أعلى السماوات، ]لتتألّق فيها كملكةٍ على يمينِ ابنِها، ملكِ الدهور الأزليّ[ (2 تي1/17)".
وتابع: "ماذا نتعلّم اليوم من عيد انتقال العذراء: إنَ موت العذراء هو علامةُ رجاء، وما انتقالُها بالنفس والجسد إلى السماء إلّا ثمرة قيامة المسيح المنتصر على الموت. لذا نحنُ مدعوّون إلى أن نرى في انتقال مريم، علامةَ رجاءٍ وطيد، بأنّ الله قد غلب الموت فعلًا، وأن لا سلطانَ للموت على المعمّدين بيسوع. نتعلّم أيضًا من رُقاد مريم العذراء حقيقة الموت. فهو بالنسبة إلى المسيحيّ عبور من هذا العالم الزائل، عالم الألم والموت والأهواء إلى عالم النور والحقّ والجمال، إلى الملكوت السماويّ. بعد موت المسيح، لم يبقَ للموت سلطانٌ علينا، بل تحوّل الموت بقدرة الله، ليصير عبورًا بسلام، يُشبه الرقاد والنوم. ننامُ في دنيا الأضاليل لنستيقظ في دنيا الحقّ، ننام بالخوف والوجع وغصّة الهمّ، لنستيقظ أمام وجه الله القدّوس، حيث لا خوفٌ، ولا تعبٌ ولا كآبة. نتعلّم أيضًا حقيقة قيامة الأجساد. فجسدنا البشريّ مدعوّ إلى المشاركة بالمجد السماويّ، وليس عبئًا أو شرًّا البتّة. بل هو هيكل الروح القدس، وصورة المسيح الفادي. لقد فدانا المسيح جسدًا ونفسًا، لذا فإنّ جسدَنا هذا سيُمجّد يومًا بالمسيح، على مثال جسد يسوع ومريم العذراء، إنّما في القيامة العامّة".
تابع المطران قائلًا: "لقد أحبّت مريم الربّ من كلّ قلبِها، وعقلِها، وجسدِها وعواطفِها. فقدّس الربُّ هذا الجسد الذي منه أخذ جسدًا، ليُشابهنا بكلّ شيء ما خلا الخطيئة. بحلوله في جسد مريم، قدّس الله جسدها الطاهر، فصارت أحشاؤها أرحب وأقدس من السماوات. فكيف يترُكُ الله بعد ذلك، جسد أمّه مريم يرَ الفساد؟! وكما كان جسدُ المسيح أساسًا لموته وبالتالي خلاصَنا، كذلك كان جسدُ العذراء أساسًا في سرّ التجسّد، ولعيش كمال المحبّة. وكذلك نحنُ مدعوّون إلى أن نعيش المحبّة بأجسادنا الضعيفة، سرّ الصليب الخلاصيّ. فالجسد هو أساسٌ في عيش سرّ الألم والموت والصليب، وبالتالي في النموّ في الزمن، بالفضائل المسيحيّة والروح القدس".
أضاف المطران ضاهر: "نحتفل معًا بقدّاس الشكر السنويّ لرابطة كاريتاس في إقليم الكورة لنشكر الله على خدمة المحبّة التي نقوم بها باسم الكنيسة تجاه إخوتنا المحتاجين إلى المحبّة...نحن مدعوّون إلى أن نسير معًا ونصغي إلى حاجات بعضنا البعض ونتضامن في ظروفنا الكارثيّة ونثبت في إيماننا ونصمد في أرضنا، أرض القداسة والقدّيسين. وهذا ما يقوم به إقليم كاريتاس الكورة...نحيّي الذين يساهمون بفلس الأرملة مع هذه المؤسّسة ونصلّي من أجلهم ونثمِّن جهود القيّمين على إدارتها لما فيه عمل المحبّة وخير النفوس".