"انتخاب رئيس للجمهوريّة حامٍ للدستور وضامنٍ لوحدة اللبنانيّين": البطريرك الراعي
بعد قراءة الإنجيل المقدّس تأمل البطريرك الراعي في الآية "كنت جائعًا، فأطعمتموني" (متّى 35:25) وإليكم أبرز ما قال: "هذا الأحد هو الأخير من زمن الصليب، زمن النهايات والواقعات الجديدة. وهو أحد الدينونة العامّة التي يجريها المسيح في مجيئه الثاني والأخير، فيجلس على عرشه ملكًا، بعد أن أتى في مجيئه الأوّل مخلّصًا للبشر أجمعين، وفاديًا لكلّ إنسان. وكان يأتي في كلّ يوم طالبًا من كلّ إنسان شهادة له: "كنت جائعًا، فأطعمتموني" (متّى 35:25).
أكمل البطريرك كلامه: "يقول لنا إنجيل اليوم، إنّنا على المحبّة سنُدان. وقد فصّل المسيح الربّ الدينونة في ستّة قطاعات مادّيّة وروحيّة وثقافيّة وأخلاقيّة.
الجوع يشمل الحاجة إلى الغذاء من جهة، وإلى العلم والتربية، واعتبارِ الناس وتفهُّمهم، من جهةٍ أخرى.
العطش يمتدّ من الماء إلى الحقيقة والعدالة والمحبّة والحرّيّة، وتحقيق الذات والحلم في تحقيق مشروع الحياة.
الغربة تطاول الشخص الموجود في أرض وبلد وبيئة غريبة لا ينتمي إليها. لكنّها تمتدّ أيضًا إلى كلّ من يشعر بغربة بين أهله، بسبب عدم تفهّمهم له ولأفكاره الجديدة ولتطلّعاته؛ أو في مجتمعه الذي لا يتقبّله لأنّه مختلف في أصله ودينه وثقافته وانتمائه السياسيّ وجنسيّته.
العُري لا يقتصر على اللباس وأثاث البيت، كما هي حالة الفقر المدقع، وحالة النازحين والمهجّرين قسرًا من بيوتهم، بل يشمل انتهاك الصيت والكرامة بالنميمة والكذب، وبالكلام الباطل.
المرض متنوّع: فثمّة الأمراض الجسديّة والأمراض العصبيّة والعقليّة والنفسيّة. وتوجد الأمراض الروحيّة مثل حالة الخطيئة والبغض والحقد والميل إلى الشرّ، واليأس؛ والأمراض الأخلاقيّة كالكبرياء والادّعاء والدعارة الجنسيّة والإدمان على المخدِّرات والكحول ولعب القمار.
الأسر لا يتوقّف عند مساحة السجن وراء قضبان الحديد، بل يمتدّ إلى مَن هم أسرى لأميالهم، ولآرائهم ولأشخاص وإيديولوجيّات؛ ومَن هم أسرى قناعاتهم الخاطئة ولا يُقرّون بها، ومَن هم أسرى للتيّارات السياسيّة المغرضة، وغير قادرين على التمييز بين الحقّ والباطل، وبين العدل والظلم".
أضاف البطريرك قال: "في غمرة التحدّيات القاسية التي يواجهها لبنان، نشكر الله على نجاح القمّة الروحيّة الإسلاميّة - المسيحيّة التي انعقدت في بكركي قبيل توجّهنا إلى روما. وقد أكّدتْ كسابقاتها جملة ثوابت وحقائق كانت ولا تزال في أساس الكيان اللبنانيّ بدءًا من وحدة اللبنانيّين في كنف دولتهم والشرعيّة الدوليّة وصولًا إلى تضامنهم الإنسانيّ والأخويّ الذي يتجاوز الاختلاف سياسيّ.
وكان إجماع من القادة الروحيّين على أنّ مدخل الحلول لأزماتنا هو انتخاب رئيس للجمهوريّة حامٍ للدستور وضامنٍ لوحدة اللبنانيّين. وفي هذا السياق، سوف نتابع مع الإخوة رؤساء الطوائف كافّة آليّات تحقيق مضمون بيان هذه القمّة التي شكّلت علامة مضيئة في عتمة هذه الأيّام ولاقت ارتياحًا داخليًّا وخارجيًّا خصوصًا لجهة تجسيد صورة لبنان الحقيقيّة بتعدّديّة طوائف".
أضاف البطريرك كلمة في الشأن الوطنيّ قائلًا: "إننا نحيّي مؤتمر باريس الذي انعقد في الرابع والعشرين من هذا الشهر الذي وضع خريطة طريق كحلّ ديبلوماسيّ للحرب الدائرة بين إسرائيل وحزب الله، وقوامها ثلاث نقاط:
أوّلًا: وقف إطلاق النار فورًا.
ثانيًا: تنفيذ قرار مجلس الأمن 1701(2006)، وبخاصّة انتشار الجيش اللبنانيّ في جنوبيّ الليطاني.
ثالثًا: انتخاب رئيس الجمهوريّة بأسرع وقت.
اننا نشكر الدول التي تمثّلت في هذا المؤتمر، على جمع مليار دولار أميركيّ للبنان، مفصّل توزيعها وبشكل تصل الى الموجّهة إليهم".
تابع البطريرك القول: "مؤسف أنّ الحرب بين حزب الله وإسرائيل خرجت عن نظامها الدوليّ لأنّها راحت تحصد أطفالًا ونساءً ومدنيّين عزّل ومن مؤسّسات إنسانيّة. وقد فاق عدد القتلى 2500 شخصًا من جهة لبنان، بالإضافة الى تدمير كامل للمنازل والمؤسّسات، وعشرات آلاف الجرحى، وتهجير ما يفوق 1.300.000 مواطن".
قبل الختام قال البطريرك: "نصلّي ونعزّي أهالي الضحايا... "
ثمّ ختم قائلًا: "لنصلِ، أيهّا الإخوّة والأخوّات، إلى الله بشفاعة القدّيسين الشهداء الإخوة المسابكيّين العلمانيّين، أن يجعلنا شهودًا للمحبّة وفاعلي سلام في لبنان وسورية والأراضي المقدّسة، له المجد والشكر الآن والى الأبد، آمين".