"اليوم، نحن بحاجةٍ إلى أن نجدَ المسيح!": الأبّاتي رزق
بعد الإنجيل المقدّس تأمّل الأبّاتي رزق في عظته في الآية "طوبى للمدعوّين إلى وليمةِ عُرسِ الحمل ..." (رؤ 19: 9)
ما أجملَ الأعراس، مكان لقاء الأحبّة والأصدقاء، وأزمنة فرحٍ وبهجةٍ، وكم اشتقنا ليوم عرسٍ في وطننا المتألّم، يجمعُنا حول وليمة رجاءٍ وفرح. في طقوسنا المسيحيّة، العرس هو لحظة تتويج لملك وملكة، كما نسمّيه "إكليل". وإكليل اليوم هو إكليل الحمل، الذي نعلنه ملكًا على عروسه الكنيسة، وعريسًا لها، يبذل ذاته من أجلِ كيانِها وأولادها وخلاصها وسعادتها!
ويأتي السؤال: لماذا الحمل؟ ومن هو الحمل؟
ها هو يوحنّا المعمدان يشير إلى يسوع أنّه حمل الله، ومن دون تردّد يَلحق به تلميذا يوحنّا المعمدان، وبعد أن أمضيا معه النهار، انطلق أندراوس ليخبر أخاه سمعان بأنّهما وجدا المسيح!
اليوم، نحن بحاجةٍ إلى أن نجدَ المسيح!
قد نتبع هذا الكاهن أو نتابع هذا الراهب، ولكنّنا لا ولن نفرح إلّا عندما نتذوّق اللقاء الفعليّ مع الربّ يسوع !
هو العريس الذي يرفع بإكليله عروسته إلى السماء!
هو الكاهن الذي يُقدّم نفسه قربانًا يُرضي الله الآب!
هو الراعي الذي يسهر على خرافه ويقودها إلى المراعي الخصبة،
هو حملُ الله الذي يحمل خطايا العالم!
هو الملك الذي لا فناءَ لـمُلكِه ونحن مدعوّون إلى أن نرثَ معه الملكوت!
في هذا المزارِ الذي شُيّد بطريقةٍ عجائبيّة على اسمه، يجمعُنا حملُ الله، ربّنا يسوع، لنفرح بعرسه، نحن الكنيسة العروسة التي تزيّنت بالفضائل وتكلَّلت بحبّه! وليس صدفةً أن يكون عيد حمل الله في زمن الصليب، لأنّ هذا الزمن يذكّرنا بانتصار الصليب وبانتصار الكنيسة به! وليس صدفة أيضًا أن نحتفل بهذا العيد قبل عيد المسيح الملك، الذي نُعلِن فيه أنّ هذا الحمل هو المسيح الملك وأنَّ يسوع هو ملكنا الأوحد!
هذا المزار نفسُه يشهد لانتصار الحبّ الإلهيّ! الحبّ الّذي يبذل ذاته في سبيل من يحبّ! الحبّ الذي يعلِمنا قيمة الإنسان و جمال الإنسانيّة، ويدعو كلَّ إنسانٍ إلى الغوصِ به! الحبّ الذي يُصلَب ليموت ولكنّه يَقهر الموت وينادي الأمواتَ كي يقوموا معه! فلا يعودَ للموتِ أيُّ سلطانٍ على أحبّائِه!
لا يمكنُنا أنْ ننسى قصّةَ احمد (سنة 2007) الذي أتى ليساعدَ في تشييدِ هذا المزار والتقى بحُبّ حمل الله وتحوَّل به إلى ابنٍ لا يمكنه إلّا العيش به والتبشير باسمِه! ولا ننسى تدخُّل العذراء في بناء المغارةِ، وسعي الأب أنطونيو الفغالي والمؤمنين لدعم هذا المزار وقد وصل مجدّدًا تمثال حمل الله ليسكنَ هذا المزار. اليوم، نتأمّل بالله الجبّار، الحملِ المتواضعِ، الذي يُقرّبُنا إليه بالوداعة والصمت! يعلّمنا أنّ الانتصارَ ليس بالصراخ ولا بالأسلحة ولا بالتمرّد! يعلّمنا أنّ الشرور والصعوبات تختفي في نور المحبّة، فنُردِدَ معًا "هلّلويا! الخلاصُ والمجدُ والقدرةُ لإلهنا!" (رؤ19 :1)، فتعالوا اليومَ نجدّد ثقتنا بإلهنا! نسبّحه معًا كبارًا وصغارًا! (رؤ19: 5) نكون شهودًا لحبّه، أمينين لعطاءاته، صادقينَ بشهادتنا كمسيحيّين في هذا البلد الغالي لبنان!
إنّ الحمل غلب مَن ساقه إلى الذبح، لأنّه واجهَه بالرحمة!
هكذا ملكوتُ إلهِنا القدير، يأتي ويملكُ في القلوبِ وينتصرُ بالحقِّ والمحبّةِ والرحمةِ والعدالة! فلنفعل كأندراوس ونذهب إلى إخوتِنا ونطمئن قلوبهم ونقول لهم "لقد وَجَدْنَا الـمَسِيح"(يو1: 41) وهو لا يخذلنا! ومعًا نبني الكنيسة لأنها عروسة يسوع التي تفرح به، وعرسه هو عرسُها! فيا أيّها الحملُ الوديع شدّدنا بالإيمان، لا تحجُب وجهك عنّا عندما نبعد عنكَ، بل تعال إلينا بسلامك لكي نستطيع أن نزرعَ السلام حولنا وننادي بك من دون خوف ربًّا، ملكًا وإلهًا الآن وكلّ آنٍ وإلى الأبد. آمين.
وفي الختام، أزيح الستار عن تمثال، من رخام كارّارا، للمسيح حمل الله، نُحِتَ في الصين، باهتمام السيد عاطف زلاقط وعقيلته.