سوريا
19 كانون الأول 2024, 09:20

"المسيحيّون ليسوا ضيوفًا": البطريرك يوحنّا العاشر

تيلي لوميار/ نورسات
إجتمع البطريرك يوحنّا العاشر، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس وأفرام الثاني، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس، ويوسف العبس، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الملكيّين الكاثوليك والكاردينال ماريو زيناري، السفير البابويّ في سورية، مع رؤساء الطوائف المسيحية في دمشق والأساقفة والآباء وممثّلين وممثّلات عن الرهبنات في دمشق وريفها، في دار بطريركيّة الروم الأرثوذكس في دمشق.

 

شمل الاجتماع، وفق بيان البطريركيّة، حوارًا عميقًا حول الظروف الراهنة والدقيقة التي تمرّ بها سورية وطرق دعم صمود أبنائنا ومنحهم التعزية والرجاء وسط الهواجس الكثيرة المتعلّقة بواقعهم ومستقبلهم، كما والبحث في جوانب الشهادة المسيحيّة الواحدة في المجتمع والوطن وأمام الرأي العامّ العالميّ والتشديد على ضرورة التكاتف والتعاضد، وتشكيل لجنة مشتركة لمتابعة الحاجات الناشئة وخدمة الرؤى والتطلّعات المنشودة بما يضمن التنسيق المستمرّ والفاعل لهذه الغاية.

إنضمّ إلى الاجتماع غير بيدرسون، المبعوث الأمميّ إلى سورية، وتمّ التأكيد، بحضوره، أنّ سورية لطالما كانت، وستبقى، بلد الشراكة الوطنيّة بامتياز، لا تقبل بمنطق الأكثريّات والأقليّات، بل الجميع فيها سواسية أمام الحرّيّة والحقّ والقانون، مصيرهم مصير واحد، يجمعهم تاريخ مشترك بصواعده ونوازله، وتجمعهم محبّة الوطن وهي المصلحة الوطنيّة العليا التي تسمو على أيّ مصالح شخصيّة أو عرقيّة أو طائفية.

فالمسيحيّون ليسوا ضيوفًا في بلدهم، بل هم أبناء الوطن وطيف أساسيّ ومكوّن أصيل من مكوّناته، لهم ما للمواطنين كلّهم من حقوق وعليهم ما على الجميع من واجبات لأجل بناء وطن يحكمه العدل والمساواة ويسوده السلام والطمأنينة على أساس المواطنة والعيش الواحد لأولاده جميعهم. الأمر الذي يجب أن يتجلّى عمليًّا في مشاركة وطنيّة متكاملة وجامعة في صياغة دستور توافقيّ حرّ ديموقراطيّ للبلاد يضمن، من ناحية، حقّ المواطنة والمشاركة الفاعلة لأطياف الشعب السوريّ كلّهم بمختلف ألوانه وانتماءاته على الصُعُد السياسيّة والاجتماعيّة والإداريّة العامّة على أساس الكفاءة من دون أي تمييز في الجنس أو العرق أو الدين، ويكفل، من ناحية أخرى، احترام الأديان وقوانينها، بما فيها قوانين الأحوال الشخصيّة لكلّ مكوّن من مكوّنات الدولة، كما والحرّيّات الجماعيّة منها والفرديّة، بما يحفظ مدنيّة الدولة ويضمن تساوي الجميع بالحقوق والواجبات، عندئذ يصبح الدستور مرآةً تعكس الآمال الشعبيّة بمستقبل يليق بفكر الشعب السوريّ وتاريخه".

أكّد بيدرسون، بدوره، "سروره العميق وتأثّره باجتماعه مع مسيحيّي دمشق وسورية"، مشدّدًا على "أنّ سورية هي بلد الجميع، والمسيحيّون بالتأكيد ليسوا ضيوفًا فيها، بل هم مواطنون أصيلون لديهم حقوقهم وواجباتهم". وركّز على أنّنا نعيش بداية جديدة لسورية، وعادة ما ترافق البدايات الجديدة تغيّرات وتحدّيات، لكنّ التغيير يكون جيّدًا عندما يتوجّه في الاتّجاه الصحيح. وذكر أنّه زار أماكن كثيرة والتقى بالكثيرين في الداخل والخارج، والرسالة الأساسيّة هي أنّ السوريّين كلّهم يجب أن يكونوا معًا والمكان يتّسع للجميع كمواطنين في هذا البلد، وهذا التوجّه موجود أيضًا لدى المجتمع الدوليّ بحسب ما يرى من اطّلاعه على الجلسة الأخيرة لمجلس الأمن ومن تواصله مع الجهات الدوليّة المختلفة.

أضاف بيدرسون:" المهمّة التي أمامنا كبيرة وتوجد مبادئ عامّة للنهوض بها وهي تطبيق القرارات الدوليّة، خصوصًا القرار رقم /2254/، والسوريّون هم من سيقودون المرحلة الانتقاليّة والمجتمع الدوليّ سوف يدعمهم. كما أنّ مسيرة العمل على الدستور الجديد ستكون من مسؤوليّة السوريّين جميعهم بدعم دوليّ. العمل جار أيضًا من أجل رفع العقوبات الاقتصاديّة وإعادة الأعمار".

وكرّر أنّ "المهمّة كبيرة، لكنّ اجتماع اليوم هو رسالة قويّة جدًّا في الاتّجاه الصحيح".

إختُتم الاجتماع بالدعاء إلى الله أبي الأنوار إلهِ كلّ تعزية ورجاء ليمسح الألم والقهر والجزع من كلّ نفس حزينة ومظلومة ومضطربة ويسكب رحماته في القلوب فيجمعها في محبّة واحدة لخدمة الإنسان والوطن بأعمال صالحة يشعّ نورها في العالم أجمع شهادةً لسورية الأصيلة الواحدة الموحّدة.