"الله هو مَن يفتح الأبواب، ويحرّر، ويمهّد الطريق": البابا فرنسيس
أتت قراءة الإنجيل من خبر دعوة الرسل الأوائل، من متّى 4: 19-22 أعقبها شرحٌ للأب الأقدس استهلّه بالقول: "لننظر إلى الرسولين بطرس وبولس، صيّاد من الجليل جعله يسوع صيّادًا للبشر؛ وفرّيسيّ مضطهد للكنيسة تحوّل، بالنعمة، إلى مبشِّر للأُمم. في ضوء كلمة الله، لنسمح بأن تلهمنا قصّتهما والغيرة الرسوليّة التي طبعت مسيرة حياتهما، فهما التقيا بالربّ، وعاشا خبرة فصحيّة حقيقيّة: لقد تحرّرا، وانفتحت أمامهما أبواب حياة جديدة".
تابع البابا فرنسيس يقول: "أيّها الإخوة والأخوات، عشيّة السنة اليوبيليّة، لنتوقّف عند صورة الباب. في الواقع، سيكون اليوبيل زمن نعمة نفتح فيه الباب المقدّس، لكي يتمكّن الجميع من أن يعبروا عتبة ذلك المزار الحيّ الذي هو يسوع، وأن يعيشوا فيه خبرة محبّة الله التي تُنعش الرجاء وتجدّد الفرح. وحتّى في قصّة بطرس وبولس هناك أبواب تُفتح".
أضاف الأب الأقدس يقول: "سمعنا في القراءة الأولى قصّة تحرير بطرس من السجن؛ وفيها العديد من المشاهد التي تذكّرنا بخبرة عيد الفصح: تتمّ هذه الحادثة إبّان عيد الفطير؛ ويذكّرنا هيرودس بشخصيّة فرعون مصر؛ ويتمّ التحرير ليلًا كما حدث لبني إسرائيل؛ والملاك يعطي بطرس التعليمات عينها التي أعطيت لإسرائيل: قُمْ على عَجَل، أُشْدُدْ وَسَطَكَ بِالزُّنّار، وَاربِطْ نَعلَيكَ. وبالتالي، فإنّ ما يُروى لنا هو خروج جديد: الله يحرّر كنيسته، وشعبه المقيّد بالسلاسل، ويظهر نفسه مرّة أخرى كإله الرحمة الذي يعضد مسيرته. وفي ليلة التحرير تلك، انفتحت أبواب السجن أوّلًا بأعجوبة؛ ثمّ يقال عن بطرس والملاك الذي رافقه إنّهما وجدا نفسيهما أمام "الباب الحَديد الَّذي يَنفُذُ إِلى المَدينة، فانفَتَحَ لَهما مِن نَفْسِه". هما لم يفتحا الباب، بل انفَتَحَ لَهما مِن نَفْسِه. إنه الله الذي يفتح الأبواب، هو الذي يحرّر ويمهّد الطريق. وإلى بطرس - كما سمعنا في الإنجيل - كان يسوع قد أوكل مفاتيح الملكوت؛ لكنه اختبر أن الربّ هو الذي يفتح الأبواب أوّلًا، وأنّه يسبقنا على الدوام".
تابع البابا يقول: "كذلك أيضًا كانت مسيرة الرسول بولس، أوّلًا خبرة فصحيّة. فهو في الواقع، حوّله أوّلًا القائم من بين الأموات على الطريق إلى دمشق، ومن ثمّ، في التأمّل المستمرّ بالمسيح المصلوب، اكتشف نعمة الضعف: عندما نكون ضعفاء، نكون أقوياء، لأنّنا لا نعود متمسّكين بأنفسنا، وإنّما بالمسيح. ولمّا أمسك به الربّ وصُلب معه، كتب بولس: "فما أنا أحيا بعد ذلك، بل المسيح يحيا فيّ".
لم يكن الهدف من كلام بولس هذا التديّنَ الحميم والمعزّي، على العكس، لأنّ اللقاء مع الربّ أشعل الغيرة للبشارة في حياة بولس. وكما سمعنا في القراءة الثانية، أعلن في نهاية حياته: "لكن الربّ كان معي وقوّاني لتعلن البشارة عن يدي على أحسن وجه ويسمعها الوثنيّون جميعهم". ولكي يخبرنا كيف منحه الربّ العديد من الفرص لكي يعلن الإنجيل، استخدم بولس صورة الأبواب المفتوحة. هكذا قيل عن وصوله إلى أنطاكية مع تيموثاوس إنّهما "جمعا الكنيسة عند وصولهما، وأخبرا بكلّ ما أجرى الله معهما وكيف فتح باب الإيمان للوثنيّين". ولمّا كتب إلى أهل كولوسي حثّهم قائلًا: "صلّوا من أجلنا أيضًا كيما يفتح الله لنا بابا للكلام فنبشّر بسرّ المسيح..."
أضاف الأب الأقدس يقول: "لقد عاش الرسولان بطرس وبولس خبرة النعمة هذه. لمسا لمس اليد عمل الله الذي فتح لهما أبواب سجونهما الداخليّة وأيضًا السجون الحقيقيّة التي أُلقيا فيها بسبب الإنجيل. كذلك، فتح أمامهما أبواب البشارة لكي يختبرا فرح اللقاء بالإخوة والأخوات في الجماعات الناشئة ويحملا رجاء الإنجيل للجميع".
وختم البابا فرنسيس عظته بالقول: "تسلّم اليوم الأساقفة والمتروبوليت الذين نالوا السيامة في العام الماضي درع التثبيت. في الشركة مع بطرس وعلى مثال المسيح، باب الخراف، هم مدعوّون إلى أن يكونوا رعاة غيورين يفتحون أبواب الإنجيل ويساهمون بخدمتهم في بناء كنيسة ومجتمع أبوابهما مفتوحة. وأودُّ أن أوجّه تحيّة ودّيّة إلى وفد البطريركيّة المسكونيّة: أشكركم على مجيئكم للتعبير عن الرغبة المشتركة في الشركة الكاملة بين كنيستينا وأوجّه تحيّة من القلب إلى أخي العزيز برتلماوس. ليساعدنا القدّيسان بطرس وبولس لكي نفتح باب حياتنا للربّ يسوع، وليشفعا فينا، وفي مدينة روما، وفي العالم أجمع. آمين".