"الله حاضر في الجماعة المصلّية": البطريرك الراعي
بعد قراءة الإنجيل المقدّس، تناول البطريرك في عظته فكرة روحيّة من قراءات أحد بشارة زكريّا وكلمة أخرى من وحي المناسبة قال فيها: "الليتورجيا هي الوسيلة التي يتمّ فيها لقاء الله بالإنسان، وهي عمل الخلاص بالمسيح، الوسيط الوحيد بين الله والبشر (1 طيم 2: 5). فالمسيح يعلن البشرى، ويشفي القلوب التائبة (أشعيا 61: 1؛ لو 4: 18)، كطبيب الأجساد والأرواح (إغناطيوس الأنطاكيّ).
إنّ جمال هذه الكنيسة بحلّتها الجديدة، يعكس جمال نفوسكم يا أبناء العاقورة وبناتها الأحبّاء، وقد توّجتم الدعوة إلى هذا الاحتفال بكلمة بولس الرسول: "أنتم هيكل الله، وروح الله ساكن فيكم" (1 كور 16: 3). هذه الكنيسة هي المكان الأنسب لعبادة الله، الحاضر هنا فيها: يكلّمنا عندما نقرأ كتبه المقدّسة، يلهمنا بأنوار روحه القدّوس، يخاطب قلوبنا عندما نصغي إليه بتأمّل وصمت، في مثل هذا الجوّ كلّم الله ذكريّا بواسطة الملاك جبرائيل، وبلّغه البشارة الجديدة بولد اسمه يوحنّا.
لا يستطيع أي إنسان اللقاء بالله في عقله وقلبه، إلّا بواسطة أفعال العبادة، المعروفة بالليتورجيا. فالله حاضر في الجماعة المصليّة كما وعد: "حيثما يجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي، أكون هناك بينهم" (متّى 18: 20)".
أكمل البطريرك الراعي: "الليتورجيا هي أداة اللقاء بين الله والإنسان المؤمن. في هذا اللقاء يوحي إليه تصميمه الإلهيّ، ويكشف له عن إرادته، وعن دور هذا الإنسان في التصميم الإلهيّ هذا.
هكذا أجرى مع زكريّا الكاهن في المقدس حيث بلّغه الملاك جبرائيل قصد الله بمنحه ولدًا، طال انتظاره، حتّى أمسى متقدّمًا في السنّ وامرأته أليصابات مسنّة هي أيضًا، وعاقرًا.
بشّره بولد، يوحنّا، إنّما هو بشرى للشعب كلّه الذي كان ينتظر المخلّص، ويرسم لزكريّا رسالة ابنه يوحنّا".
تابع الراعي: "البشارة هي نقل خبر مفرح عن تدخّل الله في تاريخ البشر. ثلاث بشارات رسمت حدود تاريخ الخلاص:
البشارة لإبراهيم بمولد إسحق (تك 17: 15-22) الذي من صلبه يولد أسباط شعب الله الاثنا عشر، الذين من خلالهم تسير كلمة الله الواعدة بالخلاص حتّى تحقيقها.
البشارة لزكريّا بمولد يوحنّا الذي يختتم مسيرة شعب الله كآخر نبيّ، ويفتح مسيرة شعب الله الجديد. فكان آخر نبيّ من أنبياء العهد القديم، والرسول الأوّل في العهد الجديد، كالفجر الذي يبشّر بانبلاج الصباح.
البشارة لمريم بمولد المسيح الفادي الذي يبلغ معه ملء الزمن، ويبدأ شعب الله الجديد الذي هو الكنيسة، منفتحًا نحو نهاية الأزمنة.
إختتم البطريرك كلمته بالقول: "نرفع صلاتنا الليترجيّة في هذه الكنيسة، لأجل كلّ الذين تعبوا في أعمال الترميم، كما نطلب بشفاعة مار جرجس والقدّيسين الشهداء الإخوة المسابكيّين: فرنسيس وعبد المعطي ورفائيل، لكي يوقف الله بقدرته الحرب الدائرة بين حزب الله وإسرائيل، ويحلّ سلامًا عادلًا ودائمًا وشاملًا، ولكي يمسّ ضمائر معرقلي انتخاب رئيس للجمهوريّة، بحيث يقوم نوّاب الأمّة بواجبهم الوطنيّ المشرّف، ويلتئموا في المجلس النيابيّ بروح المسؤوليّة وينتخبوا الرئيس في دورات متتالية. ونذكر بصلاتنا النازحين من بيوتهم المتهدّمة، ومن مناطقهم المهدّدة، لكي يعودوا إلى مناطقهم.
وإنّنا نحيّي كلّ الذين يعتنون بهم، لكي يعزّوا قلوبهم الجريحة. فيا ربّ، يا أبا الجميع، ترأّف بشعب لبنان، وأبعد عنه الحرب وازرع السلام. لك المجد والشكر إلى الأبد. آمين".