"الظلمة الإلهيّة هي اختبار إنسانيّ عميق": المطران إبراهيم
جاء انعقاد المؤتمر بدعوة من مستشفى أوتيل ديو في بيروت ومستشفى تلّ شيحا وجمعيّة زحلة لرعاية مرضى السرطان وبتنظيم من الدكتور فادي الكرك والدكتور فادي عاصي، بحضور المطران إبراهيم مخايل إبراهيم، راعي الفرزل وزحلة والبقاع للروم الملكيّين الكاثوليك، والبروفسور يوسف بخّاش، نقيب أطبّاء لبنان، والدكتور إيلي نمر، عميد كلّيّة الطبّ في الجامعة اليسوعيّة، ومستشار وزير الصحّة الدكتور بيار عنهوري، وأطبّاء من مختلف المناطق اللبنانيّة.
كانت للمطران إبراهيم كلمة قال فيها: "عادة، الأطبّاء الذين يحاولون المعالجة يسبّبون، أحيانًا، بعض الألم للمريض. الألم والجرح والتعب وأحيانًا اليأس، هي جزء من الاستشفاء. تحدّث الآباء القدّيسون، في بداية الكنيسة، عن فكرة صوفيّة أسموها "الظلمة الإلهيّة" حتّى أنّ أحد القدّيسين وضع كتابًا أسماه "الضوء الداكن"، وهذا أمر ينطبق على مرضى السرطان الذين يعبرون في نفق أسود مظلم، لكنّ هذه الظلمة تصبح إلهيّة لأنّها توصل المريض الجسديّ كما المريض الروحيّ إلى نور وبصيرة جديدين وفهم جديد لمعنى الحياة.
أحيانًا كثيرة لا يستطيع الأطبّاء إنقاذ المرضى لكن، هناك إنقاذ من نوع آخر مصدره إيماننا الذي يثق في أنّ الموت ليس النهاية، بل هو بداية. فالذي نعتبره نحن أنّه قدَر أسود، هو، في الواقع، بداية النور".
أضاف المطران: "الظلمة الإلهيّة هي اختبار إنسانيّ عميق لأنّ الإنسان يقف أمام محدوديّة العقل ومحدوديّة إمكانيّاته...في السيطرة على المعابر السوداء أو المعتمة في حياة الإنسان....على الإنسان السعي، ولو أنّ العقل لا يقدر دائمًا أن يسيطر على الأمور لأنّ محدوديّته هي جزءٌ من طبيعتنا البشريّة، لا بل إنّ ثمّة كتّابًا يركّزون على ضرورة إيقاف عمل العقل أحيانًا...الاختبار الصوفيّ العميق يعلّمنا أنّنا لا نسيطر إلّا على اللحظة التي نعيش فيها، والباقي كلّه في يد أخرى، قديرة وغير محدودة.
وختم المطران إبراهيم قال: "نحن نسعى، أحيانًا، وراء أعجوبة تجعلنا نرى الحقيقة، نسيطر على التحدّيات الطبّيّة التي تواجهنا، لكنّ هذا الطلب ليس دائمًا منطقيًّا. أحيانًا، عندما نخسر البصر نربح البصيرة، علينا دائمًا أن نصلّي لكي، عندما نختبر الظلمة والعتمة، نقع عن صهوة حصاننا - مثل مار بولس - ونسلّم الأمور إلى القوّة العليا، نقوم بما علينا ولا نيأس أو نخاف أن نتابع العمل العلميّ والأبحاث العلميّة بالمعطيات التي بين يدينا، لأّنّها نعمة والباقي على الله".
تخلّل المؤتمر إطلاق صندوق "الدكتورة كلودين الخوري" لمساعدة مرضى السرطان، تخليدًا لذكراها واستمرارًا في عمل جمعيّة زحلة لرعاية مرضى السرطان التي أطلقتها مع زوجها الدكتور فادي الكرك".
وكانت كلمة للدكتور بخّاش أبرز ما جاء فيها:" ما يميّز هذا المؤتمر هو تخصيص جلسة لمناقشة كيفيّة تنظيم أو مقاربة الملفّات والأشخاص الذين يعانون من أمراض سرطانيّة في مستشفى تلّ شيحا بالتعاون مع مؤسّسة استشفائيّة جامعيّة هي أوتيل ديو. أعتقد أنْ، عبر هذا المؤتمر، سنتوصّل إلى وضع الخطوط العريضة والبدء بتطبيقها على أرض الواقع، وهذا أمر مهمّ بالنسبة إلى المرضى الذين يعانون من هذه الأمراض والذين يتعالجون في هذا المستشفى في منطقة البقاع."
أضاف د. بخّاش: "الموضوع الثاني هو كيفيّة إدارة دراسات علميّة وأبحاث طبّيّة على عدد كبير من المستشفيات والمرضى وهذا أمر مهمّ للغاية لأنْ، إذا نظرنا إلى مستقبل الطبّ في أيّ دولة، فهو لا يتقدّم إلّا عبر الأبحاث والدراسات وإعادة فلا بدّ لنا من إعادة وضع لبنان على خارطة العلم والطبّ المحلّيّة والإقليميّة".