لبنان
12 آب 2024, 05:30

"الطوباويّ البطريرك الدويهي أنْما كلام الله في قلبه حضارةَ محبّة": البطريرك الراعي

تيلي لوميار/ نورسات
إحتفل الكردينال مار بشارة بطرس الراعي، البطريرك المارونيّ في العاشر من آب "أغسطس" 2024، بالقدّاس الإلهيّ في كنيسة بلدة مجدل المعوش. شكر الله على نعمته للبنان في تطويب البطريرك الدويهي، وأزاح الستار عن تمثال يجسّد الطوباويّ الجديد.

 

كانت للبطريرك الراعي كلمة من وحي مناسبة شكر الله على نعمة تطويب البطريرك إسطفان الدويهي وإزاحة الستار عن تمثال له، قال فيها: "نجتمع في بلدة مجدل المعوش، لقدّاس الشكر الثالث، ولتبريك تمثال الطوباويّ البطريرك مار إسطفان الدويهي الذي تكرّم به السيّد روميو ياغي رئيس البلديّة ورئيس اتّحاد بلديًّات العرقوب والحرف تكريمًا للمرحومين والديه، فيكون مصدر نعم وبركات للذين يكرّمونه ويطلبون شفاعته.

تردّد الطوباويّ البطريرك مار إسطفان إلى مجدل المعوش هربًا من مضايقات حكّام طرابلس في دير سيّدة قنّوبين، ومن الخلافات مع مشايخ كسروان في دير مار شلّيطا مقبس (غوسطا)، ووجد الراحة من هذه المضايقات في بلدتكم المضيافة. فأنشأ كنيسة مار جرجس، وتفقّد بلدات الشوف راسمًا كهنة، بانيًا كنائس، واعظًا بسرّ المسيح وبكلام الحياة، منقّحًا المخطوطات، كاتبًا العديد ممّا ترك لنا من مخطوطات تاريخيّة ولاهوتيّة وأسراريّة وليتورجيّة. فكان حقًّا "منارة علم وقداسة"، وكانت حفلة تطويبه بحجمه: بأعداد المشاركين على الرغم من اهتزاز الأمن، وبتنظيم الاحتفال، وبميزة المذبح الذي اتّسع للأساقفة والكهنة والرهبان والراهبات جميعهم.

سنة 1603 زار البطريرك يوحنّا مخلوف مجدل المعوش وأنشأ فيها كنيسة السيّدة التي ترمّمت. ثمّ سنة 1683، هرب البطريرك الدويهي إليها، وبنى كنيسة مار جرجس التي رمّمتموها. وكان يزور مغارة مار إدنا، بين مجدل المعوش ووادي الستّ، بهدف الاختلاء، وعمد المارّة إلى زيارته للتبرّك. كان على علاقة ممتازة مع الحكّام الدروز، وهنا بدأ بكتابه تاريخ الأزمنة".

تابع البطريرك الراعي كلامه قال:"بعض الحبّ وقع في الأرض الصالحة، فنبت وأثمر مئة ضعف" (لو 8: 8 ) .

تميّز الطوباويّ البطريرك مار إسطفان بقبوله كلمة الله بعقله وإرادته وقلبه، منذ نعومة أظفاره ثمّ إكليريكيًّا وكاهنًا إثنتي عشرة سنة، وأسقفًا سنتين وبطريركًا طيلة أربع وثلاثين سنة (1670-1704). كان حريصًا على التأمّل في كلام الله الذي ولّد عنده الإيمان، وأنماه ورسّخه فيه بثبات الرجاء، وجعله في قلبه حضارة محبّة.

كان الطوباويّ البطريرك إسطفان مقتنعًا بأنّ كلمة الله هي ابن الله الذي صار بشرًا، يسوع المسيح، وهو المخلّص والوسيط بين الله والناس. عنه يتكلّم يوحنّا في بداية إنجيله. فهو الله نفسه الذي يوحي ذاته بحبّ للناس أجمعين: يتوجّه إليهم كأصدقاء، ويخاطبهم ليدعوهم إلى الدخول في الشركة معه لقبولهم فيها. كلمة الله هي ابن الله الذي يسبق الخلق، به "كلُّ شيء كوّن، ومن دونه لم يكن شيء ممّا كوّن" (يو 1: 3).

إنجيل اليوم يحدّثنا أيضًا عن كلمة الله. هذه هي شخص يسوع المسيح، ابن الآب الأزليّ، الذي صار إنسانًا. هو حبّة الحنطة التي زُرعت في أرضنا وأثمرت، بموته وقيامته، فأعطت البشريّة الجديدة المتمثّلة بالكنيسة. ولذا، ليست المسيحيّة "ديانة الكتاب" بل هي "ديانة كلمة الله التي تُعلن وتُقرأ وتُقبل وتُعاش". (إرشاد الرسوليّ كلمة الله، 6-8).

كلمة الله تجمع وتوحّد، لأنّها تنقّي كلّ واحد وواحدة منّا من شوائبه، من مواقفه، من عتيقه، وتفتح عقولنا وإراداتنا وقلوبنا إلى آفاق جديدة. فهي، يقول بولس الرسول، "كسيف ذو حديّن" (عب 4: 11)، تزيل الشوائب وتخلق إنسانًا جديدًا".

أضاف البطريرك الراعي: "فيا ليت كلّ مسؤول عندنا يعود إلى كلام الله، يسمعه، يتأمّل فيه، يسلّطه على ذاته، على مسلكه وأفعاله وتصرّفاته، فيجدّده ويحرّره وينعشه، مبدّلًا نظرته إلى الأمور". فيتساءل أمام وجدانه الوطنيّ: ما معنى عدم انتخاب رئيس للجمهوريّة، لكي تنتظم الحياة العامّة في الدولة؟...

رئيس الجمهوريّة ضرورة ملحّة، وهو وفقًا للدستور "رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن. ويسهر على احترام الدستور والمحافظة على استقلال لبنان ووحدته وسلامة أراضيه".

ختم البطريرك " لنصلِّ، إلى الله لكي يعطينا جميعًا نعمة الإصغاء إلى كلامه، فيعود كلّ واحد وواحدة منّا إلى صوت ضميره، صوتِ الله في أعماق كلّ إنسان. له المجد والشكر الآن وإلى الأبد، آمين".