"الرجاء يولد من المحبّة المتدفّقة من قلب يسوع المطعون على الصليب": المطران جلوف
"أكتب إليكم هذه الرسالة الميلاديّة في خضمّ الأوقات الصعبة التي تمرّ بها بلادنا طالبًا من الطفل الإلهيّ الذي سنحتفل بعيد مجيئه لخلاص البشريّة، أن يكون معنا ويبارك أعمالنا ويساعدنا على أن نرى الأشياء بعيون الإيمان والرجاء.
هذه السنة أعلنها قداسة البابا فرنسيس سنة يوبيل وعنوانها "الرجاء لا يخيّب" (رو 5: 5).
يولد الرجاء من المحبّة ويقوم على المحبّة المتدفّقة من قلب يسوع المطعون على الصليب وتظهر حياته في حياة الإيمان فينا، التي تبدأ بالمعموديّة، وتنمو في الانقياد لنعمة الله ولهذا يحييها الرجاء، الذي يجدّده عملُ الروح القدس ويثبّته دائمًا.
والروح القدس بحضوره الدائم في مسيرة الكنيسة، والذي يشعّ نور الرجاء في المؤمنين، يبقيه مضاءً مثل شعلة لا تنطفئ أبدًا، ليمنح حياتنا العون والقوّة. الرجاء لا يستسلم في الصعاب، إنّه يرتكز على الإيمان ويتغذّى من المحبّة ويسمح لنا أن نستمرّ في الحياة.
الحياة فيها أفراح وأحزان، والمحبّة تتعرّض للاختبار عندما تزداد الصعاب ويبدو أنّ الرجاء ينهار أمام المعاناة والألم. يقول القدّيس بولس، نفتخر بشدائدنا نفسها لعِلْمِنا أنّ الشدّة تلد الثبات، والثبات يلدُ فضيلة الاختبار وفضيلة الاختبار تلد الرجاء (رو 5: 3-4). من هذا الرجاء يلد الصبر. لقد اعتدنا حتّى الآن أن نريد كلّ شيء فورًا، في عالم صارت السرعة فيه ميزة ثابتة. وهذه السرعة قضت على الصبر والتروّي، وفي هذا ضرر كبير للناس، لأنْ، مع هذه السرعة يسيطر على حياتنا القلقُ والعصبيّة وأحيانًا العنف غير المبرّر وهذا كلّه يولّد فينا عدم الرضى والانغلاق.
يقول البابا فرنسيس بالإضافة إلى كون الرجاء من نعم الله، نحن مدعوّون إلى أن نكتشفه في علامات الأزمنة التي يقدّمها الله لنا. لذلك، من الضروريّ الانتباه إلى الصلاح الكثير الموجود في العالم حتّى لا نقع في تجربة اعتبار أنفسنا غارقين في الشرّ والعنف. وعلامات الأزمنة، التي تتضمّن أشواق قلب الإنسان، المحتاج إلى حضور الله الخلاصيّ، تقتضي أن تتحوّل إلى علامات رجاء.
علامات الرجاء الأولى هي السلام في العالم وخصوصًا في شرقنا. من حقّنا أن نحلم بأن تصمت الأسلحة وتتوقّف عن جلب الدمار والموت، وأن يعمّ السلام والوئام هذا البلد، وهذه المنطقة بالكامل. وعلامة أخرى للرجاء، أن نحلم بأن نغلق السجون، ويعمّ العفو العامّ وتخفَّف الأحكام التي تهدف إلى مساعدة الأشخاص على استعادة الثقة في أنفسهم وفي المجتمع.
علينا في هذه السنة، سنة الرجاء، تقديم علامات الرجاء للمرضى سواء في البيت أو المشفى كي تجد آلامُهم راحة في قرب الأشخاص الذين يزورونهم وفي المودّة التي يجدون معهم. أعمال الرحمة هي أيضًا أعمال رجاء، توقظ مشاعر الشكر في القلوب.
علامات الرجاء حاجةٌ أيضًا للشباب الذين يرون أحلامهم تنهار، والمستقبل يعتمد على حماسهم واندفاعهم.
نحن بحاجة إلى أن تفيض نفوسنا رجاءً، في الرجاء فرحين وفي الشدّة صابرين وعلى الصلاة مواظبين، لكي نشهد بطريقة صادقة وجذّابة للإيمان والمحبّة اللذيْن نحمل في قلوبنا.
أرجو من الطفل الإلهيّ الذي سنحتفل بمجيئه أن يبارك بلدنا ويحافظ عليه وعلى أولادنا وعلى المواطنين جميعهم فيه، ليعود إلينا الاطمئنان والوئام والسلام من ربّ السلام.
أتمنّى للجميع سنة مباركة وأعيادًا مجيدة."